للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهوم الرخصة:

حاول شهاب الدين القرافي تعريف الرخصة، فانتقد أولًا تعريف الإمام فخر الدين في المحصول، ثم حصل من تقليب وجوه النظر تعريفا ارتضاه، ثم انتقد تعريفه هذا الذي ظنه في بادئ الأمر كاشفًا عن مفهوم الرخصة، يقول إثر ذلك: " فبقيت بعد ذلك أستصعب تحديدها، فمن انضبط له ذلك فليفعله ". (١)

واستمر الإشكال معه، فقد ذكر في شرح التنقيح: " والذي تقرر عليه حالي في شرح المحصول وههنا أني عاجز عن ضبط الرخصة بحدٍ جامعٍ مانع ". (٢)

ونظر أبو إسحاق الشاطبي نظره الذي يتجاوز الجزئيات ليؤلف عنها المفهوم الشرعي، فحالفه التوفيق في تعريف الرخصة لما قال: " الرخصة ما شرع لعذر شاقٍّ، استثناء من أصل كلي يقتضي المنع، مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه ".

يعلق على تعريفه: " أن علماء الأصول قبله قصروا التعريف على الخاصة (ما شرع لعذر) ، وهو لهذا غير مانع، إذ يدخل فيه القراض والمساقاة والسلم ونحوها من العقود المستثناة، مع أنها لا تسمى رخصة لبقاء حكمها حتى مع عدم وجود العذر، فالقادر على استثمار المال يجوز له أن يعطي المال قراضا، وذلك لأن هذا ونحوه راجع إلى أصل اعتبار الحاجي من كليات الشريعة، وكذلك ما كان راجعا إلى مكمل فمن لا يقدر على القيام في الصلاة اعتبرت المشقة مخففة، وأداؤه للصلاة من جلوس رخصة، أما مساواة المأمومين لإمامهم إذا كان لا يقدر على القيام؛ فليس برخصة لأن العذر في حقهم ليس المشقة وإنما طلب موافقة الإمام". (٣)


(١) نفائس الأصول: ١/ ٣٣٦
(٢) منهج التحقيق والتوضيح لحل غوامض التنقيح: ١/ ٣١٢
(٣) الموافقات: ١/ ٣٠٢

<<  <  ج: ص:  >  >>