للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر القاضي ابن العربي أنه كان يستشكل الأمر، فحديث الإفطار صحيح , إلى أن روى حديث الدارقطني عن أنس , أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على جعفر بن أبي طالب وهو يحتجم فقال: " أفطر هذا " , ثم رخص صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في الحجامة. فهذا نص فيه ثلاثة فوائد: تسمية المحتجم، ثبوت حظر الحجامة للصائم، وثالثها ثبوت الرخصة بعد الحظر. (١)

قد يحتاج المعالج لإفراغ ما في معدة المريض، فإن كان ذلك بدون إدخال مادة إلى حلق المريض، ولكن بإثارة أعصاب الجهاز الهضمي، وهو المعبر عنه بالاستقاء، فقد اختلف فيه نظر الفقهاء.

١ - الحنفية: قالوا: الاستقاء يتصور باثنتى عشرة صورة؛ لأنه إما أن يكون ما أخرجه ملء الفم فأكثر، أو دون ذلك، وفي كليهما إما أن لا يعود شيء، أو يعيد هو بإرادته بعضه، أو يعود شيء من قيئه غلبة، وفي كل إما أن يكون ذاكرا لصومه أو ناسيًا له.

وتحصيل المذهب أنه أن كان ناسيا فلا يفطر؟ وإن كان ذاكرا أفطر، إذا بلغ الخارج ملء الفم، ابتلع منه شيئا أو لم يبتلع, وإن كان أقل من ملء الفم، فإن لم يعد شيء منه إلى حلقه، لا غلبة ولا بقصد لم يفطر عند أبي يوسف، وهو الصحيح في المذهب، وأفطر عند محمد - ومذهب محمد هو ظاهر الرواية- وإن عاد منه شيء غلبة لا يفطر عند أبي يوسف، وإن عاد شيء منه بقصده ففيه روايتان عن أبي يوسف. (٢)

٢ - المالكية: إن من استقاء فقد أفطر، رجع إلى حلقه أو لم يرجع ملء الفم أو أقل. (٣)

٣ - الشافعية: من استقاء فقد أفطر، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تقيأ عمدًا أفطر. (٤)


(١) العارضة: ٣/ ٢٤٥ - ٢٤٦
(٢) البحر: ٢/ ٢٩٥؛ رد المحتار: ٢/ ١١٠ - ١١١
(٣) المدونة: ١/ ١٧٩؛ الزر قا ني: ٢/ ٢٠٣
(٤) المجموع: ٦/ ٣٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>