للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

التداوي بالإخراج

كما يتم التداوي بإدخال دواء من منفذ من المنافذ التي تحدثنا عنها فإنه يمكن علاج المريض بالتدخل لإخراج:

١- الدم، بالفصد والحجامة.

٢ - القيء.

١) إخراج الدم بالفصد والحجامة

أما الفصد فالاتفاق على أنه غير مفطر، وأما الحجامة فقد اختلف فيها الفقهاء على ثلاثة مذاهب:

ذهب أبو حنيفة إلى أن الحجامة لا تؤثر في الصيام ولا كراهة فيها للصائم.

وذهب مالك والشافعي وأبو ثور إلى أن الحجامة مكروهة، ولكن لا تؤثر في الصيام.

وذهب أحمد وداود والأوزاعي وإسحاق بن راهويه إلى أن الحجامة في نهار رمضان حرام وتفطر الصائم. (١)

وترجع الأقوال إلى قولين في بحثنا هذا؛ لأن الفرض أن الحجامة وصفت كطريقة للتداوي فارتفعت الكراهة والإثم وبقي التأثير في الفطر.

وسبب الخلاف تعارض الآثار المروية في ذلك؛ فقد روي في مجمع الزوائد ثلاثة عشر حديثا تثبت أن الحجامة تفطر، وروي ثلاثة عشر حديثا أنها لا تفطر، وروي ثلاثة أحاديث تثبت الكراهة، ومعظم الأسانيد فيها مقال , ومع اختلاف الأحاديث، فأحمد ومن معه اعتمدوا الأحاديث الموجبة للفطر، لأنها مثبتة لحكم، وإذا ثبت الحكم فلا يرتفع إلا بما يفيد العلم برفعه، وأحاديث عدم التأثير يحتمل أن تكون ناسخة وأن تكون منسوخة، فلا تقوى على رفع ما يثبت، ومن رأى عدم التأثير رجح الأحاديث النافية للفطر لأن القياس يؤيدها، وذلك أن هذا دم خارج فلا يؤثر، كدم الفصد وخروج الدم من مكان الحجامة، ولأنه دم لا يجب منه الغسل فلم يوجب الفطر.

والقول بأن العلم لا ينتفي ما يوجبه إلا بما يفيد العلم غير مسلَّم، إذ العلم هو اليقين، فإذا دخل عليه الاحتمال في ذاته نفاه، وحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم يؤيده القياس، قال الشافعي بعد أن ساق حديث الفطر بالحجامة وحديث عدم الفطر: أن حديث ابن عباس أمثلها إسنادًا، فإن توقى أحد الحجامة كان أحب إلي احتياطاً، والقياس مع حديث ابن عباس، والذي أحفظ عن الصحابة والتابعين وعامة أهل العلم أنه لا يفطر أحد بالحجامة. (٢)


(١) الهداية شرح البداية: ٥/ ١٤٦
(٢) تفصيل الحجامة وسندها؛ انظر الإشراف على مسائل الخلاف: ١/ ٢٠٦؛ وفتح الباري: ٥/ ٧٦ - ٨١؛ والمجموع: ٦/ ٣٤٩ - ٣٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>