ثانيا - التداوي بالحقن
من وسائل معالجة المريض: الحقن، وهو أنواع:
١ - حقن تحت الجلد.
٢ - حقن في العضلة.
٣ - حقن عبر الأوردة الدموية.
٤ - حقن عبر مفاصل العظام.
الحقن تحت الجلد والحقن في العضلة:
يقوم الجلد الحي بامتصاص ما يرد عليه بواسطة الحقن تحت الجلد أو في العضلة ليوزعه على الجسد، فهو تشرب يضاهي تشرب مسام الجلد للمراهم وغيرها.
ولذا فإن الذي يترجح عندي - والله أعلم - أن هذا النوع لا يؤثر في الصيام.
ومثل ذلك الحقن بين المفاصل لتغذية المفصل الذي جفت المادة المساعدة على الحركة، أو لغير ذلك من العلاج للأسقام.
الحقن عبر الأوردة الدموية:
الحقن عبر الأوردة الدموية إما أن يكون دواء لا ينتفع منه المريض إلا في التغلب على اسقامه، أو تخفيف أوجاعه، وإما أن يكون غذاء يعطي للجسم السعرات الحرارية التي كان يحصل عليها بواسطة الغذاء، وتروي الجسم بما هو بحاجة إليه من الماء.
أما القسم الثاني: فإذا اعتمدنا رأي من يرى أن الصيام عبادة غير معقولة المعنى تعبدية خالصة، فإنه يقتصر على ما وصل إلى الجسم عبر القنوات المعتادة، ومن ربط وريده بمحلول (الغلوكوز) - السكريات - لا يقال له إنه أكل أو شرب، والآية نص في منع الأكل والشرب والشهوة الجنسية: {فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] ، ولذا فإن الصائم لا يتأثر صومه بذلك ولا قضاء عليه.
ومن رأى أن الصيام معقول المعنى وأنه تحكيم للإرادة في مغالبة شهوتي البطن والفرج، وأن الصيام يضعف غلمة الإنسان وقوته الغضبية، وهما مجاري الشيطان، فلما كان هذا النوع من الحقن يعطي للجسم كل وحداته الحرارية ويحدث فيه التوازن لمتطلباته من الماء، حتى إن الإنسان إذا التهب كبده ظمأ فحقن بهذه المحلولات ذهب عطشه وروي. من رأى أن الصيام معقول المعنى حصل له ظن قوي بالإفطار، وإن كان هذا الإفطار لا يبلغ في صورته مبلغ التغذي من الفم إلا أنه يقاربه، ولذلك كان العامد الصحيح يجب عليه القضاء فيه، مع حرمة إقدامه على ما أقدم عليه.
أما التغذي من المنافذ المعتادة ففيه مع ذلك الكفارة.
ولذا فالقضاء واجب على من ربط وريده بهذه المحلولات.
أما السابور الذي يبعثه الفريق الطبي عبر الوليد الدموي من أحد أمكنة الجسم المناسبة لفتح انسداد في معابر الدم من القلب أو الأوردة فإنه غير مؤثر في الصوم.
والله أعلم وأحكم، وهو حسبي ونعم الوكيل.
نعم المولى ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* * *