للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: الأصل

وأما الكراهة: فقد ذهب إليها جماعة.

والمستند في ذلك الروايات كما يتضح بالرجوع إلى الباب ٢٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل، ولا تحتاج إلى الذكر.

ولكن في النفس بالنسبة إلى الكراهة شيء، للتعليل الوارد في بعض الروايات بخشية الغشيان والخوف على النفس، فإنه ظاهر في الإرشاد إلى المفسدة، وليس حكما تعبديًّا حتى يستفاد منه الكراهة شرعًا.

نعم لا بأس بالقول بالكراهة بناء على تمامية قاعدة التسامح وجريانها في المكروهات.

وأما القول بالحرمة:

فاستدل له بما روي من طريق ثوبان ومن طريق رافع بن خديج أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) .

قال ابن رشد (١) : وحديث ثوبان هذا كان يصححه أحمد.

وفي دلالتها - على تقدير صحة السند - ما لا يخفى، فإنا نعلم بعدم بطلان صوم الحاجم، فلابد من حمل الإفطار على معنى آخر.

كما رواه الصدوق (٢) عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمد بن يحيى بن زكريا، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تيم بن بهلول، عن أبي معاوية، عن سليمان بن مهران، عن عباية بن ربعي - في حديث - قال: سألت ابن عباس عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى من يحتجم في شهر رمضان: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) ، فقال: إنما أفطرا لأنهما تسابا وكذبا في سبهما على النبي صلى الله عليه وسلم، لا للحجامة، هذا أولًا.

وثانياً: أنها معارضة بما يدل على الجواز، فإن رجحنا الروايات الدالة على الجواز بموافقتها لعمومات الكتاب فهو، وإلا فلابد أن نرجع بعد تساقطها إلى العموم المستفاد من الحصر ثم إلى الأصل.

فلا وجه للقول بالحرمة قطعًا.

ولابن قدامة (٣) في الدفاع عن القول بالحرمة كلام حول حديث ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لا يخلو من مناقشات، فراجع.


(١) ١ /٣٠٠
(٢) عيون أخبار الرضا، ص ٣١٩، ح ١؛ الوسائل، الباب ٢٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح ٩
(٣) المغني: ٣/ ٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>