للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن المالكية: إذا خاف حصول أصل المرض بصومه فإنه لا يجوز له الفطر على المشهور؛ إذ لعله لا ينزل به المرض إذا صام، وقيل: يجوز له الفطر.

فإن خاف كل من المريض والصحيح الهلاك على نفسه بصومه وجب الفطر، ولذا لو خاف أذى شديدًا كتعطيل منفعة من سمع أو بصر أو غيرهما وجب الفطر؛ لأن حفظ النفس والمنافع واجب، وهذا بخلاف الجهد الشديد فإنه يبيح الفطر للمريض، قيل: والصحيح أيضًا.

وقال الشافعية: إن المريض - وإن تعدى بفعل ما أمرضه - يباح له ترك الصوم، إذا وجد به ضررًا شديدًا، لكنهم شرطوا لجواز فطره نية الترخص - كما قال الرملي واعتمد -: وفرقوا بين المرض المطبق، وبين المرض المتقطع (من حيث النية في الليل) ...

ولخص ابن جزي من المالكية أحوال المريض بالنسبة إلى الصوم وقال: للمريض أحوال:

الأولى: أن لا يقدر على الصوم أو يخاف الهلاك من المرض أو الضعف إن صام، فالفطر عليه واجب.

الثانية: أن يقدر على الصوم بمشقة، فالفطر له جائز، وقال ابن العزي: مستحب.

الثالثة: أن يقدر بمشقة ويخاف زيادة المرض، ففي وجوب فطره قولان.

الرابعة: أن لا يشق عليه ولا يخاف زيادة المرض، فلا يفطر عند الجمهور، خلافًا لابن سيرين. (١)

وعن الحامل والمرضعة اتفق الفقهاء على جواز الفطر إن خافتا على أنفسهما أو على ولدهما المرض أو زيادته أو الضرر أو الهلاك.

ولا خلاف بينهم في جواز إفطار من أرهقه جوع مفرط أو عطش شديد، وكذلك من يخاف الضعف عند لقاء العدو.

وتصريحات الإمامية تقرب من هذه الفتاوى.

فقد ذكر الشيخ المفيد من متقدميهم في المقنعة: " والشيخ الكبير والمرأة الكبيرة إذا لم يطيقا الصيام وعجزا عنه فقد سقط عنهما فرضه ووسعهما الإفطار، ولا كفارة عليهما، وإذا أطاقاه بمشقة عظيمة وكان يمرضهما إذا فعلاه أو يضرهما ضررا بينًا وسعهما الإفطار، وعليهما أن يكفرا عن كل يوم بمد من طعام ".

ثم حدَّ المرض قائلاً: " إذا عرض للإنسان مرض فكان الصوم يزيد فيه زيادة بينة وجب عليه الإفطار، فإن كان يزيد عليه يسيرًا أو لا يزيد فيه فعليه التمام ". (٢)


(١) الموسوعة الكويتية: ٢٨/ ٤٦
(٢) الينابيع الفقهية، ص ٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>