ويصل البول إلى المثانة من الحالبين بمعدل مليلتر واحد في الدقيقة، فتختزنه المثانة حتى تمتلئ فيزداد الضغط لدرجة ينبه معها الأعصاب الحسية الموجودة بغشائها المخاطي الذي يبطنها، فتنقبض عضلات جدرانها وتنبسط عاصرتها فيخرج البول توًا.
ولا شك أن المثانة جوف، وقد اختلف الفقهاء في إدخال مسبار أو دواء عبر الإحليل إلى المثانة؛ فاعتبره الشافعية سببًا للإفطار ومفسدًا للصيام، ولم يعتبره غيرهم. وستأتي منا قشة الأقوال المختلفة في ذلك. والأوعية الدموية واللمفاوية: كلها مجوفة، ويجري فيها الدم أو اللمف ... واختلف الفقهاء في الحجامة والفصد؛ فقال بعضهم: إنها مفسدة للصيام لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) . ومال آخرون إلى أن الحجامة ليست سببا للإفطار وإفساد الصيام، لأنه احتجم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صائم.
وأما إدخال الدواء إلى الأوعية الدموية فقد أفتى معظم العلماء في العصر الحديث بأنه ليس سببًا للإفطار وإفساد الصيام، ومن باب أولى الزرق (الحقن) في العضل وتحت الجلد.
وأما إدخال المحاليل والسوائل (مثل محلول الملح ومحلول الغلوكوز - وهو نوع من السكر - والمغذيات الأخرى) فقد كرهها الفقهاء المعاصرون، ورأى كثير منهم أنها تفسد الصيام.
في هذه الجولة والإطلالة السريعة تعرفنا على الجوف في اللغة وعند الأطباء وعند الفقهاء. وفي الفصل التالي سنناقش أقوال الفقهاء في مفسدات الصوم وبالذات ما يسمى المفطرات في مجال التداوي، ونحاول أن نطبق هذه التعريفات على أحكام الفقهاء، وهل تنطبق هذه التعريفات على أحكام الفقهاء أو تختلف؟ وما هو مدى انطباقها أو افتراقها عن ذلك؟ ليمكن الحكم على هذه المواد؛ هل هي مسببة للإفطار مفسدة للصيام أم لا؟
والله يهدي للصواب ولقول الرشاد، عليه نتوكل وبه نستعين.