بما أن الصيام إنما هو الإمساك من الطعام والشراب والجماع، فإنه يتبين من ذلك أن المقصود هو الامتناع عن شهوتي البطن والفرج، وعليه فإن الجوف لا يعدو الجهاز الهضمي متى تجاوز الفم ووصل إلى البلعوم (يسميه الفقهاء الحلق) , وبالتالي فإن وصول الطعام والشراب عمدًا إلى البلعوم، ومنه إلى المريء فالمعدة؛ سبب مجمع عليه في إفساد الصيام وتسبب الفطر، إذا كان ذلك في النهار من الفجر إلى غروب الشمس، ويتفق جمهور الفقهاء على أن تعاطي الدواء أو أي شيء آخر عن طريق الفم متى وصل إلى البلعوم ومن ثَم إلى المريء فالمعدة، عمدًا في نهار الصيام؛ يؤدي إلى إفطار الصائم وإفساد صومه.
ويمكننا أن نقسم قائمة المفطرات في مجال التداوي إلى الأقسام التالية:
(١) ما يدخل الجسم عن طريق الجهاز التنفسي: مثل البخاخ للربو وما يستنشق من الأدوية وتدخين السجائر والشيشة والنشوق (السعوط) وهذه كلها إما سوائل وفيها مواد عالقة، وتدخل إلى الفم أو الأنف وتستنشق ومنها إلى البلعوم (الفمي أو الأنفي) ومن البلعوم إلى المريء فالمعدة. كما يذهب جزء آخر من البلعوم الفموي إلى البلعوم الحنجري، ومنه إلى الرغامى فالشعب الهوائية فالرئتين ... وقد أسلفنا القول في أن هذه المواد تدخل إلى الجوف الذي حددناه بالجهاز الهضمي , ولا شك أن من تعمد إدخال هذه المواد إلى فمه أو أنفه ومنها إلى بلعومه ومعدته يكون مفسدًا لصومه متى فعل ذلك في نهار الصيام.
وأما الأوكسجين الذي يعطى لبعض المرضى فهو هواء وليس فيه مواد عالقة لا مغذية ولا غيرها، ويذهب أغلبه إلى الجهاز التنفسي، وتنفس الهواء - كما هو معلوم - ضروري لحياة الإنسان، ولم يقل أحد قط أن استنشاق الهواء مفطر للصيام.