فما حكم البخاخ الذي يستعمل في مرض الربو؟
لا بد هنا من إيضاح ما يحتويه هذا البخاخ واستعماله, فبخاخ الربو يحتوي على دواء سائل (فيه ماء ومواد كيميائية عالقة) , ويتم استعماله بأخذ شهيق عميق ويضغط عليه في الوقت ذاته, وعندئذ يتطاير الرذاذ ويدخل عن طريق الفم إلى البلعوم الفمي، ومنه إلى الرغامي فالقصبات الهوائية, ولكن يبقى جزء منه في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية ضئيلة جدًّا إلى المريء , وتحتوي عبوة بخاخ الربو على حوالي ١٠ ميلي ليتر من السائل بما فيه من المادة الدوائية , وهذه الكمية مصممة على أن تنطلق على ٢٠٠ بخة (أي أن الـ١٠ ميلي ليتر تنتج ٢٠٠ بخة) , وهذا معناه أنه في كل بخة يخرج جزء من ٢٥ جزء من الميلي ليتر الواحد, وبمعنى آخر فإن البخة الواحدة تشكل أقل من قطرة واحدة , وهذه القطرة الواحدة ستقسم إلى أجزاء يدخل الجزء الأكبر منه إلى جهاز التنفس، وجزء آخر يترسب على جدار البلعوم الفمي , فكم يتبقى من تلك القطرة للوصول إلى الجوف (الجهاز الهضمي) ؟ وقد يكون ما يدخل من قطرات عقب الاستنشاق أو المضمضة أكثر من ذلك بكثير.
أما الأوكسجين الذي يعطى لبعض المرضى فهو هواء، ولا يحتوي على مواد عالقة أو مغذية , ويذهب معظمه إلى الجهاز التنفسي، وليس هو سببًا للإفطار.
وأما التخدير العام (التخدير الكلي) : فيشتمل استنشاق غازات مثل الأثير وغيره، كما يتم فيه عادة إعطاء حقنة في الوريد من مادة دوائية سريعة التأثير تنوم المريض بسرعة، ثم يدخل أنبوب خاص مباشرة إلى الرغامي عبر الأنف أو الفم ويوصل هذا الأنبوب إلى جهاز التنفس الاصطناعي، ويتم عن طريقه إعطاء الغازات التي تؤدي إلى تخدير المريض خلال فترة العملية الجراحية , وهذه الغازات لا علاقة لها بالجهاز الهضمي، وبالتالي لا تفسد الصوم بذاتها , ولكن تبقى هناك أربع نقاط:
الأولى: وهي موضوع إعطاء السوائل المغذية بالوريد، والتي يرى كثير من الفقهاء أنها تسبب الإفطار.
الثانية: مدة الإغماء وفقدان الوعي.
والثالثة: أنه قد يدخل أحيانًا أنبوب إلى المعدة لاستخراج السوائل المتراكمة فيها.
والرابعة: أن المريض قد يتقيأ بعد العملية من أثر التخدير.
وعليه فإن التخدير العام قد لا يخلو من أحد الأمور التي تفسد الصوم، وبالتالي أرى أن التخدير العام سبب للإفطار.