للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خلاف بين أهل العلم في حظر هذه المعاقدة إذا كان البيع واجبًا، أي قد لزم المشتري بأحد الثمنين على الإبهام، وافترقا على ذلك، لكن إذا افترقا على إحدى البيعتين: النقد أو النسيئة، فهو صحيح مشروع. (١) أما إذا لم يكن البيع لازما في أحد الثمنين، وافترقا على أنهما بالخيار، أو على أن أحدهما بالخيار، فقد أجازه الإمام مالك، وجعله من باب الخيار، لأنه إذا كان كذلك لم يتصور فيه ندم يوجب تحويل أحد الثمنين في الآخر. (٢)

هذا، وقد انتقد الإمام ابن القيم هذا التفسير للبيعتين في بيعة، ووصفه بالضعف، وذلك لعدم دخول الربا في هذه الصورة - مع أن الرواية الأخرى للحديث نصت صراحة على دخوله ((من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا)) - ولأنه ليس فيها بيعتان، وإنما هي بيعة واحدة بأحد الثمنين. (٣)

وقال أيضًا: " أَبْعَدَ كل البعد من حَمَلَ الحديث على البيع بمائة مؤجلة أو خمسين حالة، فليس ههنا ربًا ولا جهالة ولا غرر ولا قمار، ولا شيء من المفاسد، فإنه خيره بين أي الثمنين شاء، وليس هذا بأبعد من تخييره بعد البيع بين الأخذ والإمضاء ثلاثة أيام ". (٤)

والثاني: أن يقول: بعني سلعتك هذه بدينار نقدًا أو بشاة موصوفة إلى أجل كذا، ويفترقان على أنه قد لزمه البيع بأحد الثمنين من غير تعيين، وهذا التفسير للإمام مالك في الموطأ (٥)


(١) معالم السنن: ٥/ ٩٨؛ شرح السنة: ٨/ ١٤٣؛المغني: ٦/ ٣٣٣؛ عارضة الأحوذي: ٥ / ٢٤٠
(٢) بداية المجتهد: ٢/ ١٥٤؛ المنتقى ٥/ ٣٩، ٤٠؛الزرقاني على الموطأ: ٣/ ٣١٢؛ التفريع، لابن الجلاب: ٢/ ١٦٦
(٣) تهذيب مختصر سنن أبي داود، لابن القيم: ٥/ ١٠٦
(٤) إعلام الموقعين: ٣/ ١٦٢
(٥) الموطأ مع المنتقى: ٥/ ٤٠؛ الزرقاني على الموطأ: ٣/ ٣١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>