للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلة النهي عن هذه الصورة كما قال القاضي ابن العربي: " دخول الغرر في البيع باتفاق، إذ لا يدري البائع الثمن الذي انعقد عليه البيع: دينارًا معجلًا أم شاة موصوفة مؤجلة ". (١)

والثالث: أن يقول الرجل لآخر: بعتك بستاني هذا بكذا على إن تبيعني دارك بكذا، أي فإذا وجب لك عندي، وجب لي عندك، وهو تفسيرالحنابلة والحنفية والشافعي في قول آخر له. (٢)

وعلة امتناع هذه الصورة كما قال الترمذي: التفارق عن بيع بثمن مجهول، إذ لا يدري كل واحد منهما على ما وقعت عليه صفقته. (٣) أي أن الثمن في كل من البيعتين مجهول، لأنه لو أفرد كل مبيع في عقد بيع مستقل، لم يتفقا في ثمنه على ما اتفقا عليه في المبيعين في عقد واحد. (٤)

قال الخطابي: " الوجه الثاني أن يقول: بعتك هذا العبد بعشرين دينارًا على أن تبيعني جاريتك بعشرة دنانير، فهذا أيضًا فاسد، لأنه جعل ثمن العبد عشرين دينارًا، وشرط عليه أن يبيعه جارية بعشرة دنانير، وذلك لا يلزمه، وإذا لم يلزمه سقط بعض الثمن، وإذا سقط بعضه صار الباقي مجهولًا ". (٥)

وقال الشوكاني: علة تحريمًا بيعتين في بيعة في هذه الصورة التعليق بالشرط المستقبل (٦)

غير أن فقهاء المالكية - وكذا ابن تيمية الحنابلة - لم يسلموا بصحة هذا التفسير للبيعتين في بيعة، ولا بتحريم الصورة التي ذكرها أربابه. (٧)

قال القاضي ابن العربي: " إذا قال له: أبيعك عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك بألف، فهذا جائز ولا دخل فيه ولو باعه عبده على أن يبيعه المشتري عبدًا آخر بثمنه. قال أبو حنيفة: لايجوز ولا شيء أجوز منه، فإنه حصل من إحدى الجهتين عبد، والجهة الأخرى عبد آخر معلوم، وهذا مما لا دخل فيه ". (٨)


(١) عارضة الأحوذي: ٥/ ٢٤٠
(٢) المغني: ٦/ ٣٣٢؛ الأم: ٣/ ٦٧؛ معالم السنن: ٥/ ٩٨؛ نيل الأوطار: ٥/ ١٥٢؛ المبسوط: ١٣/ ١٦؛ شرح السنة: ٨/ ١٤٣؛ عارضة الأحوذي: ٥/ ٢٣٩، ٢٤٠؛ الروضة الندية: ٢/ ١٠٥
(٣) سنن الترمذي مع عارضة الأحوذي: ٥/ ٢٣٩
(٤) بداية المجتهد: ٢/ ١٥٣
(٥) معالم السنن: ٥/ ٩٨
(٦) نيل الأوطار: ٥/ ١٥٣
(٧) انظر المغني، لابن قدامة: ٦/ ٣٣٣
(٨) عارضة الأحوذي: ٥/ ٢٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>