للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اعتبر الفقه الحنفي كل شرط متضمن لمنفعة زائدة على أصل

العقد مخالفًا ومفسدًا للمعاوضة المالية، كما لو اشترط في أصل البيع حمل المبيع إلى بيت المشتري على حساب البائع، أو إقراض أحد المتبايعين للآخر قرضًا ونحو ذلك. أما إذا كان ذلك الشرط في غير عقود المعاوضات المالية كالزواج، فيلغو الشرط ويصح العقد. ولكنه استثنى من المنع في عقود المبادلات المالية ثلاثة أنواع من الشروط، فاعتبرها صحيحة لازمة، وهي:

أ) الشرط الذي ورد الشرع بجوازه، كاشتراط تأجيل ثمن المبيع، واشتراط الخيار لأحد المتبايعين.

ب) الشرط الذي يلائم العقد، كاشتراط البائع على المشتري تقديم كفيل أو رهن بالثمن المؤجل، لأنه توثيق له.

جـ) الشرط الذي يجري به العرف المعتبر شرعًا، حيث إن العرف يصحح الشروط التي تعتبر في الأصل مفسدة للعقد. (١)

٢ - واتجه الشافعية وأكثر المالكية إلى نحو ما ذهب الحنفية من لزوم التمسك بمقتضيات العقود إجمالًا، وعدا جواز اشتراط ما يخالفها، ولكنهم اختلفوا معهم في التفصيلات، نظرًا لتشعب أنظارهم واجتهاداتهم فيما هو مقتضى كل عقد، وفيما هو مخالف له من الشروط، ودرجة المخالفة، ومدى إخلالها بما يلزم مراعاته في العقود. (٢)

قال البغوي: " وجملة ذلك أن كل شرط هو من مقتضى البيع أو من مصلحة البيع فهو جائز، أما مقتضاه: فهو مثل أن يبيعه عبدًا على أن يحسن إليه، أو دارًا على أن يسكنها إن شاء أو يسكنها غيره، وأما مصلحة العقد: فمثل أن يبيع بثمن ضرب له أجلًا معلوما، أو شرط أن يرهن بالثمن داره، أو يقيم فلانًا كفيلًا بالثمن.


(١) المدخل الفقهي العام، للأستاذ مصطفى الزرقا: ١/ ٤٦٨ - ٤٧٩ بتصرف؛ القواعد النورانية الفقهية، لابن تيمية، ص ١٨٤ وما بعدها؛ مجموع فتاوى ابن تيمية: ٢٩/ ١٢٦ وما بعدها
(٢) انظر المدخل الفقهي للزرقا: ١/ ٤٧٦؛ مجموع فتاوى ابن تيمية: ٢٩/ ١٢٧، ١٢٨؛ المجموع: ٩/ ٣٦٣ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>