للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خلاف بين الفقهاء في أن الحكم بحرمة ذلك وفساده منسحب على الجمع بين القرض والسلم، وبين القرض والصرف، وبين القرض والإجارة، لأنها كلها بيوع. وأما الجمع بين ما سوى ذلك من العقود فهو محل نظر الفقهاء، وقد اختلفت اجتهاداتهم فيه، وتباينت تفصيلاتهم وآراؤهم في كثير من صوره وضوابطه، وذلك على النحو التالي:

١ - فقال الحنفية: لو باع عبدا على أن يستخدمه البائع شهرًا أو دارأ على أن يسكنها كذلك، أو على أن يقرضه المشتري درهمًا، أو على أن يهدي له هدية، فالبيع بهذه الشروط كلها فاسد؛ لأنها شروط لا يقتضيها العقد، وفيها منفعة لأحد المتعاقدين، ولأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف، ولأنه لو كان الخدمة والسكن يقابلهما شيء من الثمن يكون إجارة في بيع، ولو كان لا يقابلهما يكون إعارة في بيع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة، فيتناول كلا من الاعتبارين المذكورين (١)

أما لو قال: بعتك هذه الدار بألف على أن يقرضني فلان الأجنبي عشرة دراهم، فقبل المشتري ذلك البيع، صح؛ لأن الإقراض لا يلزم الأجنبي (٢)

ولو دفع ألف درهم إلى رجل على أن يكون نصفها قرضًا عليه، ويعمل في النصف الآخر بشركته، فإنه يجوز ذلك. (٣) وذلك يعني مشروعية الجمع بين القرض والشركة عندهم.

كذلك أجاز الحنفية شركة المفاوضة على أساس تضمنها الوكالة والكفالة (٤)


(١) المبسوط: ١٣/ ١٦؛ فتح القدير: ٦/ ٨٠
(٢) فتح القدير: ٦/ ٨١؛ العناية على الهداية: ٦/ ٨٠
(٣) المبسوط: ١٢/ ٦٤، وانظر المبسوط أيضًا: ٣٠/ ٢٣٨
(٤) المبسوط: ١١/ ١٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>