(ب) كل عقدين يتضادان وصفًا ويتناقضان حكمًا، فإنه لا يجوز الجمع بينهما شرعًا، وذلك لأن العقود أسباب، وإنما تفضي إلى تحصيل حكمها في مسبباتها بطريق المناسبة، والشيء الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتضادين، ثم نظرًا لما يترتب على الجمع بينهما من الجهالة أو الغرر اللذين يفضيان إلى الخصومة والمنازعة، وانتفاء ذلك مطلوب شرعًا في كل معاقدة.
هذا، وقد تبين لنا مما سبق بيانه في القضية أن أنظار الفقهاء واجتهاداتهم متباينة ومختلفة فيما يصدق عليه التنافي والتضاد من العقود المجتمعة، وإن كانوا متفقين في الجملة على أصل حظر الجمع بين كل عقدين متضادين وصفًا وحكمًا ... مما يوجب على فقهاء العصر الفهم العميق والنظر الفسيح والاجتهاد الدقيق في سائر العقود المجتمعة التي يجري فيها التعامل أو يحتاج إليه في هذا العصر.. ذلك للتأكد من انطباق هذا الأصل عليها أو عدمه قبل الإفتاء فيها بالجواز أو المنع شرعًا، والله تعالى أعلم.