للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) أنموذج للتطبيقات المعاصرة في العقود المركبة

عقود التوريد:

عقد التوريد هو عقد بين جهتين، تلتزم فيه إحداهما بتوريد أصناف (سلع - مواد) محددة الأوصاف والمقادير، في تواريخ معينة، مقابل ثمن محدد، يدفع منجمًا على أقساط (١)

والذي يبدو لي أن عقد التوريد ليس من قبيل العقود المركبة (٢) - كما جاء في الخطة التي وضعها المجمع الموقر لهذا الموضوع - وإنما هو أشبه ببيع السلم أو عقد الاستصناع، الذي يتفق فيه العاقدان على تأجيل البدلين: المبيع والثمن، إلى آجال معلومة.

وعلى ذلك فيجب أن يحدد في عقود التوريد مقدار المبيع وأوصافه، وآجال التسليم، وأن يكون المعقود عليه مقدور التسليم عند حلول أجله.

غير أن في عقود التوريد - أن جرى تكييفها الفقهي سلمًا - إشكالًا من ناحية أخرى، وهي أن كلا البدلين (المبيع والثمن) مؤجلان، مما يجعلها داخلة تحت بيع الكالئ بالكالئ، وهو ممنوع شرعًا في قول سائر أهل العلم، ولكن يستثنى من ذلك الحظر ما إذا كانت هناك حاجة عامة أو خاصة إليه، إذ الحاجة تُنزَّل منزلة الضرورة، عامة كانت أم خاصة كما جاء في القواعد الفقهية، ولا يبعد أن يقال في هذا المقام بتحقق تلك الحاجة إلى عقود التوريد، وعلى ذلك يكون الغرر فيها مغتفرًا، وتعتبر سائغة في النظر الفقهي. (٣)


(١) انظر مناقصات العقود الإدارية، ورقة عمل مقدمة إلى الدورة التاسعة لمجمع الفقه الإسلامي، ص ٢٩، ٥١
(٢) حتى ولو كان عقد التوريد واردًا على عدد من السلع أو المواد، إذ المعقود عليه في هذه الحالة يعتبر بمثابة مبيع واحد، وإن اختلفت مكوناته أو أجزاؤه، بثمن واحد. وقد سبق أن بينا قول جماهير الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة بجواز بيع شيئين أو أكثر بثمن واحد وأنه لا حرج شرعًا في إبرام صفقة واحدة جمعت بين شيئين بثمن معلوم.
(٣) انظر بيع الكالئ بالكالئ، للدكتور نزيه حماد، ص ٢٨ - ٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>