* وهذه المواعدات التي تسبق عقد شراء المشروع أو العقار محل المشاركة تعتبر ملزمة، بناء على ما ذهب إليه الإمام السبكي من الشافعية من أن إنجاز الوعد واجب شرعًا، وهو وجه في مذهب أحمد، اختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وقول في مذهب المالكية صححه ابن الشاط في حاشيته على الفروق، وهو محكي عن ابن شبرمة، وقال القاضي ابن العربي:" وأجلُّ من ذهب إلى هذا المذهب عمر بن عبد العزيز ". (١)
*ثم بعد شراء محل المشاركة المتناقصة يشترك الطرفان في تأجيره أو تشغيله أو استثماره لحسابهما أو غير ذلك بمعاقدة جديدة يبرمانها، كما تبرم بينهما عقود بيع متوالية لحصص الممول، بحيث يشتريها العميل في الآجال المتفاهم عليها مسبقًا، حتى يتم انتقال ملكية محل المشاركة من الممول إلى العميل بكاملها , وبذلك تتم العقود المتعددة كلها، متعاقبة مستقلة، بحيث يكون كل واحد منها منفصلًا عن الآخر في زمانه وميقاته، وفي إنشائه وتنفيذه.
*وإننا لو نظرنا إلى كل عقد بمفرده مما تراوضا وتواعدا على إنشائه لاحقًا، الواحد تلو الآخر، لم يظهر لنا في واحد منها مانع شرعى، كما أنه لا يبدو في اجتماعها في اتفاقية واحدة على النحو الذي عرضناه حرج شرعًا، وذلك لعدم إفضاء اجتماعها إلى التناقض والتضاد في الصفات والأحكام، أو إلى الربا أو الغرر أو غير ذلك من المحظورات التي تترتب على اجتماع وتركُّب بعض المعاقدات من عقود متعددة، كل واحد منها صحيح مشروع بمفرده، كما هو الحال في العِينَة واجتماع البيع والسلف وغير ذلك من الذرائع الربوية مما سلف بيانه عند الكلام عن اجتماع العقود في اتفاقية واحدة.
والله تعالى أعلم.
* * *
(١) انظر أحكام القرآن، لابن العربي: ٤/ ١٨٠٠؛ الأذكار، للنووي مع الفتوحات الربانية: ٦/ ٢٦٠؛ فتح الباري: ٥/ ٢٩٠؛ المبدع شرح المقنع: ٩/ ٣٤٥؛ المحلى، لابن حزم: ٨/ ٢٨؛ طبقات الشافعية الكبرى، لابن السبكي: ١٠/ ٢٣٢؛ الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية، للبعلي، ص ٣٣١؛ حاشية ابن الشاط على الفروق، للقرافي: ٤/ ٢٤