لقد تبين لنا بعد دراسة مسائل هذا البحث وقضاياه ما يلي:
١ - أن المراد بالعقود المجتمعة في اتفاقية واحدة: أن يتراضى الطرفان على إبرام اتفاقية تشتمل على عقدين أو أكثر - على سبيل الجمع أو التقابل - بحيث تعتبر سائر موجبات تلك العقود المجتمعة أو المتقابلة، وجميع الحقوق والالتزامات المترتبة عليها جملة واحدة، بمثابة آثار العقد الواحد.
٢ - لقد ثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، فاتفق الفقهاء على خظرها في الجملة، لكنهم اختلفوا في تفسير محل النهي على أقوال كثيرة، والذي ترجح عندي أن المراد بالبيعتين في بيعة:
أ - أن يتضمن العقد الواحد بيعتين، على أن تتم إحداهما قبل تفرق العاقدين، ولكن دون تعيينها، كما في: بعتك هذه السلعة بألف درهم نقدًا أو بألفين نسيئة، ويتفرق العاقدان على لزوم إحداهما من غير تحديدها، وعلة النهي ههنا الغرر الناشى عن الجهل بمقدار الثمن.
ب - أن يبيعه السلعة بمائة مؤجلة إلى سنة على أن يشتريها منه بثمانين حالَّة، وعلة النهي ههنا أن الجمع بين البيعتين يؤول إلى الربا.
أما بقية التفسيرات، فمنها ما ينضوي تحت نصوص شرعية أخرى، كالنهي عن بيع ما ليس عندك، أو ربا النسيئة، وإدراجه تحت البيعتين في بيعةٍ بعيد متكلف.. ومنها ما الحظر فيه محل خلاف أهل العلم، ولم يترجح عندي فيها جانب الحظر على الإباحة.
٣ - كذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة، والمراد بهما عند جماهير الفقهاء نفس معنى البيعتين في بيعة، وخالفهم في ذلك الحنفية حيث رأوا أن الأولى أعمُّ مطلقًا، فتشمل مدلول البيعتين في بيعة، وكذا اجتماع السلف مع البيع، والإجارة مع البيع، والإعارة مع البيع وغير ذلك.