للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: هو مسألة الشروط، وما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون عند شروطهم)) ، قال في بدائع الصنائع: " فظاهره يقتضي لزوم الوفاء بكل شرط إلا ما خُصَّ بدليل، لأنه يقتضي أن يكون كل مسلم عند شرطه وإنما يكون كذلك إذا لزمه الوفاء به.. وهذا لأن الأصل أن تصرف الإنسان يقع على الوجه الذي أوقعه إذا كان أهلًا للتصرف والمحل قابلًا , وله ولاية عليه ". (١)

فسلطان الإرادة العقدية موجود وله مكانته السامية في الفقه الإسلامي

إلا أنه منضبط بالنظام العام الذي يمثل أحكام الشريعة الإسلامية بجملتها، إذ لا يجوز لسلطان الإرادة العقدية أن يخترق هذا النطاق، بحيث ينافي المقاصد العامة أو يناقضها، يقول الشاطبي في (الموافقات) بعد الكلام عن مقاصد الشريعة: " لو فرض اختيار العبد خلاف هذه الأمور لحجر عليه ولحيل بينه وبين اختياره، ومن هنا صار فيها مسلوب الحظ محكومًا عليه في نفسه ". (٢)

ولذلك فإن للمسلمين أن ينشئوا من العقود ما يحقق لهم مصالحهم في

مجال المعاملات، غير مقيدين بصيغ بذاتها أو ألفاظ بعينها، ومن ثم فمنهاج النظر في العقود المستجدة والعقود المركبة والعقود المجمعة ... إلخ هو انضباطها داخل حدود ذلك النظام العام، أي خلوها من الربا والغرر وبيع ما ليس عند الإنسان، وأكل أموال الناس بالباطل، وغير ذلك من مفسدات العقود، فإن كانت خالية مما ذكر فلا يؤثر في الحكم عليها كون أنها مستحدثة لم تكن معروفة عند القدماء.


(١) بدائع الصنائع: ٥/ ٢٥٩
(٢) الموافقات، للشاطبي: ٢/ ١٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>