للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الحوالة بدون فائدة إذا كان المقترض سيرد أحسن مما أخذ وهو ما أشير إليه في الفارق بين الصرف والحوالة، فقال السرخسي: " إن ابن الزبير رضي الله عنه كان يأخذ بمكة وَرِقًا من عند التجار، فيكتب إلى أصحابه في الكوفة فيعطونهم وَرِقًا أجود منه، فسألت ابن عباس - يقول عطاء - عن أخذهم لورق أجود من ورقهم فقال: لا بأس به إذا لم يكن مشروطًا، وإن كتب له سفتجة بذلك ولم تكن الجودة مشروطة جاز ".

قال في جواهر الإكليل مؤيدًا لما جاء فيما قاله السرخسي على جواز أخذ الزائد أو الأحسن عند استرجاع القرض، إذا لم يكن ذلك مشروطًا عند تكوين القرض، وذلك عند قول المختصر: " وكَعَيْنٍِ ترهن أقامتها إلا أن يقوم دليل على أن القصد نفع المقترض فقط ".

هذه العبارة تأتي دليلًا واضحًا على أن مقصد الشارع من القرض هو نفع الضعيف وذوي الحاجة.

وسوَّى بعض الفقهاء بين القرض والسلم، ومنهم من ألحقه به، فردَّ صاحب التجريد على ذلك بقوله: " إن ذلك مجرد تسمية ولا يقتضي أنهما نوع واحد لتغاير مفهوميهما، إذ السلم بيع موصوف في الذمة، والقرض تمليك شيء على أن يرد بدله، فكيف يكون نوعًا واحدًا مع تغاير مفهوميهما؟ " ومن هنا أمكن تكرار ما قاله كثير من العلماء ورجال الفكر، وهو أن الشريعة الإسلامية نظام قائم بنفسه، ولا يمكن أن يرغم على قبول جميع الإجراءات المستحدثة خارج نظمه ما لم تستبعد منها جميع الإجراءات المخالفة لأقوال فقهاء شريعته السمحة.

أما عن تطبيق أحكام الضمان على تلك البطائق، فواضح أنه يصح شكلًا، ولكن لا يصح جوهرًا، وأقرب قول فقهي يطبق على ذلك قول مختصر خليل بن إسحاق عندما قال: " الضمان شغل ذمة أخرى بالحق وصَحَّ من أهل التبرع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>