ومعرفة هذه الآيات، وهذه المعجزات في الأرض، وفي النفس، وفي السماء، هي تكليف رباني وإرشاد إلهي إلى البحث في الأسرار الكامنة في هذه الأشياء التي نعيش عليها، وفيها، وتحتها، طوال حياتنا؛ وما البحث في أسرار النفس الإنسانية، وفي معجزات الله في خلقه - جل شأنه، في تكوينها - بدءًا، ونهاية، حياة وموتًا، تدرجًا في الخلق، خلية فنطفة، فعلقة، فمضغة، فعظامًا، ولحمًا، ورُوحًا، فولادة، ثم صغرًا وشبابًا وشيبة، صحة ومرضا، قوة وضعفًا ثم موتًا؛ أسرار تتلوها أسرار، ومعارف تتلوها معارف، وعلوم تتلوها علوم , الكل قابع مفكر ويلتمس شعاعًا من أشعة أسرار الخلق، وبصيصًا من أنوار الهدى الرباني ويكشف عن سر من أسرار حقيقتنا، وحقيقة ما يحيط بنا من أرض وسماء، من شموس وكواكب، وماء وهواء ونبات وحيوان، وجماد، وأمطار، وبحار وأنهار.
إن البحث في كل ذلك لا يمكن أن يصل إليه الإنسان طفرة؛ إذ من آياته البينات، وسننه الظاهرات اليقينيات أن تتمشى العلوم والمعارف، حقائقها وإدراكاتها واكتشافاتها، وآفاقها، ونتائجها مع تطور الخلق - جيلًا بعد جيل - وتقدم العقل، ونمو الفكر آنًا بعد آن، مع ما يلازمه من ظروف وأسباب تفجر ينابيع البحث وتزكي عناصر المعرفة وتدعو إلى البحث والتنقيب عن علاج مرض من الأمراض، أو مواجهة ظاهرة من الظواهر، تؤثر على مسيرة الإنسان، أو طلبًا لما هو أفضل وأكمل في نظر الباحثين والعلماء.
لكل ذلك كان التطور والتنامي في الأبحاث العلمية منذ بدء الخليقة، طفرة إثر طفرة، وجديدًا إثر جديد، حتى انبلج في أواخر القرن الرابع عشر الهجري، وأوائل القرن الخامس عشر الهجري، الذي يوافقه القرن العشرون الميلادية؛ ظاهرة غير مسبوقة في موضوعات متنوعة، وفي مجالات شتى، كلها لا يصدقها إلا العلماء، ولا يفهمها إلا المتخصصون، وقد كان من بين ذلك البحث في تكوّن الجنين وتكوينه منذ بداية علوقه، وفي أثناء تشكله وتطوره، وقبل كل ذلك وبعده، مما كشف لنا عن بعض الأسرار، ووضع يدنا على معارف جديدة.