للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتمثل أيضًا هذا الارتقاء بالنوع البشري في علمية انتخاب ثانية بالنسبة للبييضة التي تفرزها الزوجة، حيث لا تنمو سوى بييضة واحدة في كل دورة، وهي البييضة السليمة وراثيًّا، وذلك يجني ثماره أيضًا المخلوق الجديد.

ومن ناحية ثالثة: فإنه بعد تلقيح هذه البييضة بهذا الحيوان المنوي، فإنها لا تستكمل التضاعف، والتشكل إلا إذا كانت سليمة وراثيًّا وإحصائيًا؛ فإن من ٤٠- ٦٠ في المائة من الأجنة في الإنسان يطردها الرحم، أو تجهض ذاتيًّا في مراحل الحمل المبكرة، ووجد أن نصفها على الأقل يحتوي على شذوذات كروموزومية، وذلك أيضًا يجني ثماره المخلوق الجديد.

ومن ناحية رابعة: فإن في حالة الزواج إذا ورث الطفل جين مرض معين من الأم، فإن جين الأب السليم يسود عليه، ويخفي أثره، والشيء نفسه يحدث إذا ورث الطفل جين المرض من الأب فإن جين الأم السليم يسود عليه ويخفي أثره، والنتيجة غالبا - أن يكون الطفل أقوى وراثيًا وصحيًا من الأب والأم ".

فهذه العمليات الطبيعية الربانية التي تصاحب الطفل منذ أن كان في صلب أبيه وبين ترائب أمه.. إلى أن يندمج ويتشكل ويصبح خلقًا جديدًا، هي عملية محاطة بحِكَم بالغة وقدرة فائقة.. تجمع بين المتباعدين، وتدمجهما إدماجًا ذاتيًّا وعاطفيًّا ونفسيًّا.. وبقدر هذا الاندماج بقدر ما يكون الخير للطفل.. وللمجتمع وللعالم بأسره.

وصدق الله العظيم إذ يقول: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} . [المؤمنون: ١٤]

ولقد رأينا كيف أن الشريعة الإسلامية حرمت بنصوص من كتاب الله تعالى - أن يكون الزوجان من ذوي القرابات القريبة - أي من ذوي الرحم المحرم (١) قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: ٢٣] ، وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: ((اغتربوا لا تضووا)) أي: تزوجوا من الأباعد عنكم في القرابة.. ((لا تضووا)) أي: لا يضعف نسلكم.. والحكمة في ذلك واضحة وضوحًا تامًا، وقد قررها العلماء المختصون في هذا الشأن- كما ذكرنا آنفًا.


(١) وذوو الرحم المحرم من إذا فرضت أحدهما ذكرًا والآخر أنثى، لا يحل لهما أن يتزوجا، كالأب وابنته أو الأم وابنها.. كما في الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>