للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن السبق العلمي الذي وصل إليه (ويلموت) لإنتاج النعجة أنه أتاح الفرصة معمليًا لخلية جسدية بالغة ومحددة الهوية للعودة إلى صفاتها الجنينية بتعريضها لوسط فقير في مكوناتها الغذائية الأمر الذي أفضى بحمضها النووي إلى أن ينكفئ على نفسه فاضًا ختم تخصصه مستعيدًا ذاكرته القديمة مستردًا قدرته الأولية على إنتاج جنين متنوع الأعضاء كامل النمو متكامل الوظائف، وكأن رجل الكمبيوتر عاد إلى مقعده أمامه ونقر على لوحة المفاتيح بحروف كلمة السر وعلى أثرها انفتحت مغاليق مغارة علي بابا الأسطورية.

إن الذي حدث إنجاز تقني وليس بإعجاز علمي، إنه إفراز تكنولوجي وليس علمًا جديدًا أو معرفة أخرى، وعلينا أن نعي هذا رغم اندهاشنا العظيم، ونعي أكثر أن التكنولوجيا يجب ألا تكون بديلًا عن العقل، ويجب ألا ندعها من الآن فصاعدًا أن تفكر لنا وتشير علينا، وإلا فإن نسخ (فرانكشتين) هو الذي سوف يقود خطانا في دروب جهولة سوف تغطي بنا عوالم غير إنسانية.

إن الباحث يعمل في شركة دواء تسمى PPL وهذه تحاول أن تنتج بروتينًا معينًا يفرز في ألبان هذه الحيوانات وتستعمل بعض هذه البروتينات كعوامل مجلطة لمرض الهيموفيليا أو سيولة الدم، وبعضها يستعمل كهرمونات مثل هرمون النمو لعلاج التقزم الناتج عن ضمور الغدة النخامية. أو هرمون الأنسولين لعلاج مرض السكر، وبناء على أسلوب الهندسة الوراثية المستحدثة يتم معالجة جينات البييضة المخصبة لأنثى حيوان ثديى، وبعد المعالجة يتاح لهذه البييضة أن تحمل في رحم حملًا طبيعيًا حتى تولد، وعند بلوغها يمكن الحصول على المركب البروتيني المطلوب من إفرازها اللبني.

ولم تكن النعجة (روزي) والدة (دولي) إلا واحدة من المحطات الحية لتحضير مركب بروتيني بعينه، ولم تطرأ فكرة الاستنساخ إلا خوفًا على الصفات الوراثية التي اكتسبتها (روزي) من المعاملة الجنسية ومحاولة الحصول على (دولي) بنفس الصفات الوراثية لروزي.

إنتاج القردة

في نفس الوقت الذي أذاعت الأنباء إنتاج النعجة (دولي) أذيع أن جامعة (أوريجون) أنتجت قردة.

أذاع السيد (ريك فينر) و (جون شفارتز) المحرران العلميان في مجلة الواشنطن بوست بتاريخ ٢ مارس ١٩٩٧ ص A٠٤ بأن إنتاج القردة في جامعة أوريجون تم بطريقة استنساخ خلايا جنينية وليست مثل إنتاج النعجة (دولي) ، وقد صرح الدكتور (دون ولف) الباحث الرئيس في جامعة أوريجون الذي كان وراء إنتاج القردة بأن الأبحاث لم تكن مصممة لإنتاج قردة مثل النعجة دولي، ولكن كان الهدف إنتاج قردة توائم متشابهة من الناحية الجنينية لاستخدامها في الأبحاث الطبية، والتي تحتاج دائمًا إلى تشابه كامل في حيوانات التجارب. والطريقة التي تم إنتاج القرود بها تمت على مرحلتين.

الخطوة الأولى: تم تلقيح بييضة من الأنثى بحيوان منوي من الذكر بطريقة طفل الأنابيب، وبعد التلقيح وانقسام هذه الخلايا إلى ثمانية قام العلماء بفصل هذه الخلايا عن بعضها البعض.

الخطوة الثانية: قام العلماء بانتزاع نواة من تلك الخلايا الجنينية السابقة وزرعوها في بييضة أخرى منزوعة الخلية، وهذه البييضة الجديدة لديها القدرة أن تنقسم لتصبح جنينًا، ثم أخذوا تسعة من هذه الأجنة وزرعوها في أرحام تسع قردة أنثوية؛ ثلاث من هذه القردة حملت، إلا أن جنينًا واحدًا مات، بينما الاثنتان الأخريان ولدتا القردين اللذين ظهرا أمام العالم، ورغم أنهما ولدا من أمهات مختلفة إلا أنهما أخوان، نظرًا لأن البداية كانت من ذكر واحد وأنثى واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>