للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن سؤالًا يثيره أخصائيو التكاثر السكاني: إذا كان مني الأب خاليًا من الحيوانات المنوية أو به حيوانات منوية ولكنها كلها ميتة أو مشوهة هل له الحق في الاستنساخ بالطريقة الأولى أو الثانية؟ ، وسيجرنا هذا الموضوع إلى وضع تعريف جديد لمن هو الإنسان؟ هل هو القادم مثل بقية الحيوانات من قطيع أو هو الذي كرمه ربه حسب قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣] ، وقوله سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} . [الإسراء: ٧٠]

هل هذا تدخل في مشيئة الله، أو هذا من مشيئة الله ومن قدره ومما فتح الله على الإنسان من مكنونات أسراره واستخدامها؟

سؤال آخر: لكل خلية عمر افتراضي، هل الخلية التي أخذت من إنسان عمره ٥٠ عامًا - على سبيل المثال - عند أخذ نواتها واستنساخها ما هو عمر هذه النسخة، هل هو نفس العمر أم استكمال للجزء الباقي من عمر صاحبه أم عمر جديد؟

ويعتقد المؤيدون للاستنساخ بأن هذا الموضوع سيفتح الآفاق أمام التغلب على الشيخوخة إذا نجحت هذه الأبحاث.

هنا يثور سؤال: هل الإنسان إلى تقدم وازدهار أم إلى خراب ودمار؟ هل هذه الثورة الهائلة ضد الموضوع هي مسائل عادية في مواجهة كل جديد مثلها في ذلك مثل كل شيء خرج إلى حيز الوجود يمس الكيان الإنساني والبشري؟

وفي غمرة هذه الانتصارات البشرية نعود لنذكر مفهوم العلم في القرآن، إن الله سبحانه وتعالى عندما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ لم يتركها قراءة عبثية أو بما فيها من هوى للنفس الأمارة بالسوء، ولكنه سبحانه أمره بأن يقرأ قراءة نافعة وبكل ما هو خير للبشرية، فأمره بأن يقرأ باسم الله، وهنا نعود لنقول: إن انفصال العلم عن الدين والحكمة سيضل ويضل صاحبه، وإن القرآن بين أيدينا يقص علينا قصة آدم ومحاولات الشيطان إغواءه، فوسوس له الشيطان في قوله سبحانه: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (١٢٠) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) } [طه: ١٢٢- ١٢٣] ، وهنا يوسوس الشيطان مرة أخرى تحت دعاوى فصل الدين عن العلم وبأن يكون ما لقيصر لقيصر وما لله لله، إنها دعوة ما أنزل الله بها من سلطان، ستكون نتيجتها على البشرية خرابًا ودمارًا.

إن هذه التقنية إذا استمرت على ما هي عليه فقد تصل يومًا ليد دكتاتور كبير يسخرها ضد البشرية، فالاكتشافات البشرية جميعها الآن مسخرة لدمار الإنسان، فمخزون العالم اليوم من القنابل النووية بأنواعها كفيل بتدمير الأرض عشرات المرات، وكل فرد على هذا الكوكب مخصص له ٥٠٠ كجم من مادة (TNT) ، ورغم هذا التقدم فشل الإنسان في أن يحل مشكلة المجاعات في العالم، ففي صباح كل يوم يموت عشرات الألوف من البشر بسبب عدم توفر الغذاء أو الدواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>