للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب المالكية في بيع الدين لغير المدين:

أما المالكية، فالأصل عندهم أيضًا أنه لا يجوز بيع الدين من غير المدين، إلا أنهم أجازوا ذلك بشروط. وقد لخص الزرقاني، رحمه الله، أحكام بيع الدين من طرف ثالث بقوله:

" ومنع بيع دين على الغائب ولو قربت غيبته، أو ثبت ببينة وعلم ملاؤه، بخلاف الحوالة عليه فإنها جائزة. . . ومنع بيع دين على حاضر ولو ببينة إلا أن يقر، والدين مما يباع قبل قبضه، وبيع بغير جنسه وليس ذهبًا بفضة، ولا عكسه، وليس بين مشتريه ومن عليه عداوة، ولا قصد إعناته، فلا بد من هذه الخمسة شروط لجواز بيعه زيادة على قوله (يقر) " (١) .

والحاصل أن بيع الدين من غير المدين يجوز عند المالكية بشروط آتية:

١- أن يكون المديون حاضرًا، لا غائبًا.

٢- أن يكون المديون مقرًّا بالدين.

٣- أن يكون الدين مما يجوز بيعه قبل قبضه، فلا يجوز بيعه إذا كان طعامًا، فإنه لا يجوز بيعه قبل قبضه.

٤- أن يباع الدين بغير جنسه، فإن كان الدين دراهم، وبيع بالدراهم فإنه لا يجوز، وزاد الدسوقي أنه إن كان من جنسه، فلا بد من التساوي (٢) .

٥- أن لا يباع دين الذهب بالفضة أو بالعكس، لكونه صرفًا وانعدم فيه التقابض.

٦- أن لا يكون بين المدين ومشتري الدين عداوة، حتى لا يكون في البيع إعنات للمدين بتمكين عدوه منه. وزاد الدسوقي عليها شرطين:

الأول: أن يكون الثمن نقدًا، وهو ظاهر لأنه إن كان دينًا صار بيع الدين بالدين، وقد مر امتناعه.

والثاني: أن يكون المديون ممن تأخذه الأحكام، ليمكن تخليص الحق منه عند القاضي إذا امتنع عن الأداء (٣) .

مذهب الشافعية:

قد اختلفت الروايات في مذهب الشافعية في قضية بيع الدين من غير المدين. وقال النووي رحمه الله:

" اعلم أن الاستبدال بيع لمن عليه دين. فأما بيعه لغيره، كمن له على إنسان مائة، فاشترى من آخر عبدًا بتلك المائة، فلا يصح على الأظهر لعدم القدرة على التسليم، وعلى الثاني: يصح بشرط أن يقبض مشتري الدين ممن عليه وأن يقبض بائع الدين العوض في المجلس، فإن تفرقا قبل قبض أحدهما بطل العقد. قلت: الأظهر الصحة (٤) .


(١) شرح الزرقاني على مختصر خليل: ٣ / ٨٣.
(٢) الدسوقي على الشرح الكبير: ٣ / ٦٣.
(٣) الدسوقي على الشرح الكبير: ٣ / ٦٣.
(٤) روضة الطالبين، للنووي: ٣ / ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>