بعد دراسة الأحكام الفقهية المتعلقة ببيع الدين، ننتقل الآن إلى الأوراق المالية التي شاع تداولها في الأسواق المعاصرة وبيان حكمها الشرعي. فمن هذه الأوراق المالية أسهم الشركات أو الصناديق التي تمثل موجودات عينية غير النقود، وإن هذه الأوراق خارجة عن موضوع هذا البحث، لأنها لا تمثل قروضًا أو ديونًا، وقد فرغنا عن بيان حكمها الشرعي في بحوث أخرى. والأوراق التي نريد بيان حكمها الشرعي في هذا البحث هي الأوراق التي تمثل قروضًا أو ديونًا لحاملها في ذمة مصدرها. وهي – على تنوع أسمائها – ترجع إلى نوعين كبيرين: النوع الأول: السندات، والثاني: الكمبيالات، فلنتكلم على كل واحد منها بصفة مستقلة.
السندات (Bonds) :
السند (bond) : في الاصطلاح المعاصر وثيقة يصدرها المديون لمقرضه اعترافًا منه بأنه استقرض من حاملها مبلغًا معلومًا يلتزم بأدائه في وقت معلوم. وإن هذه السندات تصدر عادة لعرضها على الجمهور ليحصلوا عليها بأداء المبلغ المكتوب على وجهها حتى يصيروا مقرضين ذلك المبلغ لمصدر السند.
وإن هذه السندات ربما تصدرها الشركات المساهمة التجارية أو الصناعية حينما تحتاج إلى اقتراض مبالغ كبيرة من المال لإنجاز مشاريعها، ولا تجد أفرادًا أو مؤسسات تقرضها الأموال بالحجم المطلوب، فتعرض هذه السندات على الجمهور.
وربما تصدر مثل هذه السندات من قبل الحكومات التي تريد أن تمول عجز ميزانيتها فتقترض من الجمهور.
وإن هذه السندات، سواء أصدرتها الشركات أو أصدرتها الحكومة إنما تلتزم بأداء فوائد ربوية إلى من يحملها، فالسند الذي قيمته الاسمية مائة روبية مثلاً تستحق أن يدفع لحاملها مائة وخمس عشرة بعد سنة. ويحق له أن يبيع هذا السند في السوق، وإنها تباع وتشترى بثمن يتراضى عليه الفريقان، فمن حصل على هذا السند بمائة، فإنه يبيعه إلى آخر بمائة وخمسة، ويشتريه ذلك الآخر بهذا الثمن لأنه يرجو أن يحصل على مائة وخمس عشرة روبية في نهاية المدة.