للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقياس قول الشافعية في مسألة بيع الدين أن لا يجوز بيع الجامكية أو الكمبيالة إلا بقبض العوضين في المجلس، ولو أخذنا بقول بعضهم الذين لا يشترطون هذا الشرط، فإنه يشترط عنهم أن يكون الثمن مساويًّا لقيمة الكمبيالة، ولا يجوز بيعها بأقل من قيمتها، إلا إذا كان البدل من المعروض.

خلاصة حكم بيع الكمبيالة:

يتلخص مما ذكرنا أن بيع الكمبيالة لا يجوز على قول الحنفية والحنابلة أصلاً، حتى بثمن مساو، وكذلك في مذهب الشافعية الذين يشترطون قبض البدلين في المجلس. وأما الذين لا يشترطون ذلك فيجوز بيع الكمبيالة عندهم بشرط أن يكون الثمن مساويًّا لمبلغ الكمبيالة، وهو مذهب المالكية أيضًا.

فتبين بهذا أن حسم الكمبيالة بمبلغ أقل من مبلغها لا يجوز عند أحد من المذاهب الفقهية المعتبرة، فإنه بيع لنقد حال بنقد مؤجل أقل منه وهو في معنى الربا. وهو الذي انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة، ونص قراره:

" إن حسم (خصم) الأوراق التجارية غير جائز شرعًا، لأنه يؤول إلى ربا النسيئة المحرم" (١) .

موقف بعض الإخوة الماليزيين:

وقد أفتى بعض إخوتنا في ماليزيا بجواز بيع الدين، وتوصلوا بذلك إلى القول بجواز حسم الكمبيالة، وقد عقدت مؤسسة الأوراق المالية في ماليزيا حوارًا لي معهم فاجتمعت معهم في كوالالمبور حتى أعرف مستندهم في ذلك، فتبين لي أنهم اعتمدوا في ذلك على أدلة آتية:

١- إنهم فرقوا بين القرض وبين الدين الذي ينتج عن بيع بضاعة فقالوا: إن القرض لا يجوز بيعه أو شراؤه، فإنه لا يستند إلى بضاعة. أما الدين الذي ينشأ عن طريق البيع المؤجل، فإنه يستند إلى بضاعة تم بيعها، فوثيقة هذا الدين لا يمثل النقود البحتة، وإنما يمثل النقود التي حلت محل البضاعة المبيعة، فبيع هذه الوثيقة بيع للدين الذي قام مقام البضاعة، فكأنه بيع للبضاعة.

وإن هذا الدليل – مع احترامي لهؤلاء الإخوة – لا يخفى وهنه.


(١) قرار رقم: ٦٦ / ٢ / ٧، فقرة ٣، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع: ٢ / ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>