للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- الإسراف حتى وإن كان في المباحات، والقاعدة الفقهية الحاكمة في هذه المسألة هي البدء بالضروريات، ثم الحاجيات، ثم المحسنات مع عدم الإسراف فيها.

٤- عدم العدالة في توزيع الثروات، أي وجود ظلم اجتماعي، وطفح نظام الطبقات كما هو الحال في النظام الرأسمالي، أو كبت الحرية الشخصية، وإزالة الملكية الفردية، وعدم وجود المنافسة المشروعة فيما بين الأفراد كما هو الحال في النظام الاشتراكي، أو سوء التخطيط والإدارة والتنظيم كما هو الحال في دول العالم الثالث.

٥- تكاليف المعيشة الباهظة لأي سبب كان. وهذا السبب ناتج من السببين السابقين.

٦- كارثة تلحق به فتحوجه إلى الاستدانة. وهذا استثناء، كما أن على الدولة أن تقوم بواجبها نحو هؤلاء.

ويمكن أن نوجز هذه الأسباب كلها في عدم التزام الفرد والمجتمع بمنهج الله سواء من حيث الاكتساب والإنفاق، أو من حيث طريقة التثمير والاستثمار، أو من حيث توزيع الثروة والتوازن المطلوب، أو من حيث الغاية والهدف من المال.

وأما أسباب تفاقم الديون وتضخمها وتضاعفها فتعود إلى الربا – أي الفوائد التي توضع على الدين نظير الأجل – (١) فالديون الاستهلاكية تتضاعف عليها الفوائد الربوية دون حصول على ربح للمدين حتى تصل إلى حالة قد يعجز عن أدائها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠] .

وأما الديون التجارية فيعود سبب تفاقمها إلى شيئين، أولهما: الربا، والثاني: عدم قيامه باستثمارها على الوجه المطلوب حتى يؤدي إلى أرباح تستغرق الفائدة الربوية ومتطلبات المعيشة، وفي نظر المسلم أن السبب الأول هو الأساس وأنه وحده يكفي حيث لا توجد البركة في المال المرابى قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦] ، والواقع أيضًا يؤيد ذلك، حيث ثبت للعالم اليوم أن النظام الربوي لا يخدم سوى حفنة من المرابين الذين يعيشون على سحق البشرية لصالحهم، فإلى هؤلاء يرجع جهد البشرية كلها، وكدها وعرق جبينها فهم الرابحون والذين لهم الضمان الكامل لأموالهم مع فوائدها في حين يكون الشخص المدين معرضًا للربح والخسارة، فعلى ضوء نظرية الاحتمال تتجمع الأموال في النهاية في يد من يربح دائمًا (٢) .

ومن هنا أجمعت الشرائع جميعًا (٣) وأصحاب العقول السليمة على حرمة الربا، وإن كان اليهود قد حرفوا التوراة في هذه المسألة أيضًا وحصروا حرمته بالنسبة لليهودي فقط، وهذا مبني على نظرتهم العنصرية بأنهم شعب الله المختار (٤) .


(١) يراجع: أحكام القرآن للجصاص: ١ / ٤٦٤؛ وأحكام القرآن لابن العربي: ١ / ٣٤٢؛ والأٍستاذ المودودي كتابه عن الربا.
(٢) في ظلال القرآن: ١ / ٤٦٩؛ والأستاذ سعيد بحثه السابق، ص ٣٩.
(٣) المصادر السابقة، وسيأتي لذلك المزيد من البحث في المبحث الخاص بالعلاج في هذا البحث.
(٤) يراجع: التوراة – الإصحاح: ٢٣ من سفر التثنية؛ والمصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>