للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكام التصرف في الديون

يمكن أن ترد على الديون تصرفات كثيرة، نذكر هنا أهمها:

بيع الدين بالدين إذا لم يكونا نسيئين:

فالتحقيق (١) أن الممنوع منه هو بيع الدين النسيء بالدين النسيء، لأن الإجماع على منع (الكالئ بالكالئ) وهو كما فسره علماء اللغة وغريب الأحاديث بيع النسيئة بالنسيئة، وهي التأخير (٢) ؛ قال البيهقي: قال أبو عبيدة: " هو النسيئة بالنسيئة" (٣) .

وأما الفقهاء فقد اختلفوا في تفسيره اختلافًا كبيرًا أثر في وجهات نظرهم في حكمه، لكن المجمع عليه هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: قال أحمد: لم يصح منه – أي في النهي عن بيع الكالئ بالكالئ – حديث، ولكن هو إجماع، وهذا مثل أن يسلف إليه شيء مؤجل، فهذا الذي لا يجوز بالإجماع " (٤) ، ثم قال ابن تيمية: " وإذا كان العمدة في هذا الإجماع، والإجماع إنما هو في الدين الواجب بالدين الواجب كالسلف المؤجل من الطرفين" (٥) .

لذلك أخرج ابن تيمية: بيع ما هو ثابت في الذمة ليسقط بما هو في الذمة عن صور الكالئ بالكالئ، فقال: "ليس في تحريمه نص ولا إجماع ولا قياس، فإن كلاً منهما اشترى ما في ذمته وهو مقبول بما في ذمة الآخر " (٦) .

ولكن في حصر صور بيع الكالئ بالكالئ على هذه الصورة نظر (٧) ، غير أنها تنحصر عند التحقيق في بيع الدين النسيء بالدين النسيء، ويمكن الاستفادة من بيع الدين بالدين في سوق المال ما داما غير نسيئين فيما يأتي:

بيع الديون لمن هو عليه:

جاء في المذهب: " وأما الديون فينظر فيها، فإن كان الملك عليه مستقرًا كغرامة المكلف، وبدل العرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض، لأن ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع بعد القبض" (٨) .


(١) قام الأخ الدكتور نزيه حماد بتحقيق هذه المسألة، وأجاد فيها فليراجع كتابه: دراسات في أصول المداينات، ط. دار الفاروق، ص ٢٤٢ وما بعدها.
(٢) يراجع: لسان العرب مادة كلأ؛ وغريب الحديث لأبي عبيد: ١ / ٢٠.
(٣) السنن الكبرى: ٥ / ٢٩٠.
(٤) قاعدة العقود – التي طبعت باسم نظرية العقد – ط. دار المعرفة: ص ٢٣٤ – ٢٣٥.
(٥) قاعدة العقود – التي طبعت باسم نظرية العقد – ط. دار المعرفة: ص ٢٣٤ – ٢٣٥.
(٦) قاعدة العقود: ط. دار المعرفة، ص ٢٣٤ – ٢٣٥.
(٧) نزيه حماد؛ أصول المداينات طبعة دار الفاروق، ص ٢٤٥.
(٨) المهذب وشرحه المجموع: ٩ / ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>