للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع الساقط بالواجب:

هذا مصطلح استعمله ابن القيم في تقسيم بيع الدين بالدين وأجازه، فقال: " والساقط بالواجب كما لو باعه دينًا له في ذمته بدين آخر من غير جنسه فسقط الدين المبيع ووجب عوضه، وهي بيع الدين ممن هو في ذمته ".

ثم بين فائدة هذا النوع للطرفين (١) .

لكن الفقهاء الذين أجازوا هذا النوع – وهم الحنفية، والحنابلة، ووجه للشافعية – اشترطوا لصحة بيع الدين ممن هو عليه بشيء موصوف في الذمة أن يقبض الدائن العوض قبل التفرق في المجلس حتى لا يقع في المنهي عنه من بيع الكالئ بالكالئ (٢) .

هذا كله في الديون المستقرة، أما الديون التي لم يستقر ملك الدائن عليها لعدم قبض المدين العوض المقابل لها كالأجرة قبل استيفاء المنفعة، أو مضى زمانها، وكالمهر قبل الدخول، فهذه الديون اختلف الفقهاء في جواز تمليكها ممن هي عليه بعوض، والذي يظهر رجحانه هو جواز ذلك كما سبق في السلم.

تمليك الدين لغير المدين:

لخص الإمام الرافعي والنووي هذا الموضوع تلخيصًا طيبًا نذكره ثم نذكر آراء الفقهاء فيه وهو:

الدين في الذمة ثلاثة أضرب: مثمن، وثمن، ولا مثمن ولا ثمن (٣) .

الضرب الأول – المثمن: وهو المسلم فيه فلا يجوز بيعه، ولا الاستبدال عنه، وهل تجوز الحوالة به أو عليه فيه ثلاثة أوجه.

الضرب الثاني – الثمن: فإذا باع بدراهم أو دنانير في الذمة، ففي الاستبدال عنها طريقان: أحدهما القطع بالجواز قاله القاضي أبو حامد وابن قطان، وأشهرهما على قولين: أصحهما وهو الجديد جوازه، والقديم منعه.

ولو باع في الذمة بغير الدراهم والدنانير فإن قلنا: الثمن ما ألصقت به الباء صح الاستبدال عنه كالنقدين، وادعى البغوي أنه المذهب وإلا فلا؛ لأن ما ثبت في الذمة مثمنًا لم يجز الاستبدال عنه.

وأما الأجرة فكالثمن، وأما الصداق وبدل الخلع فكذلك إن قلنا: إنهما مضمونان ضمان العقد، وإلا فهما كبدل الإتلاف.


(١) إعلام الموقعين: ٢ / ٨ – ٩.
(٢) بدائع الصنائع: ٧ / ٣٢٣٠؛ وكشاف القناع: ٣/ ٢٩٤؛ والمجموع: ٩ / ٢٧٤؛ ود. نزيه حماد: أصول المداينات طبعة دار الفاروق، ص ١٤٨.
(٣) ذكر الرافعي في الفتح: ٨ / ٤٣١؛ والنووي في المجموع: ٩ / ٢٧٣ أن حقيقة الثمن مختلف فيها على ثلاثة أوجه: أحدها: أنه ما ألصق به الباء كقولك: بعت كذا بكذا، فالأول مثمن، والثاني ثمن. وهذا قول القفال. والثاني: أن الثمن هو النقد فقط. والثالث: أن الثمن هو النقد، والمثمن ما يقابله، فإن لم يكن في العقد نقد، أو كان العوضان نقدين فالثمن ما دخلت عليه الباء، والمثمن ما يقابله. ورجح الرافعي والنووي الوجه الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>