للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلح عن دين بدين:

هذا له عدة صور:

منها أن يتصالح الدائن مع مدينه بأن يكون للمدين أيضًا دين آخر عليه من نفس جنسه، فيتصالحان بما في ذمتيهما سواء كان ما في ذمتيهما متساويين أم لا، وهذا بمثابة إسقاط من الطرفين، وإبراء، وتخارج.

ومنها: أن يتصالح الدائن مع مدينه في الذمة، وذلك بأن يصالحه على موصوف في الذمة من غير جنسه، (كأن يصالحه عن دينار في ذمته بأردب من قمح، أو نحوه في الذمة) (١) ، فهذا الصلح صحيح عند جمهور الفقهاء – الحنفية والمالكية، والحنابلة – إذا تم قبض البدل في المجلس قبل التفرق (٢) .

وذهب الشافعية إلى أنه يشترط تعيين بدل الصلح في المجلس، ولا يشترط القبض في المجلس على أصح الوجهين (٣) .

أما إذا كان بدل الصلح ليس في الذمة فيجوز مع تفصيل، ذكره النووي حيث قال:

" أما إذا كان صالح الدائن على دينه عن بعض الأموال التي يقع فيها الربا على ما يوافقه في العلة، فلا بد من قبض العوض في المجلس، فإن لم يكن العوضان ربويين، فإن كان العوض عينًا صح الصلح ولا يشترط قبضه في المجلس " (٤) .

المقاصة:

حيث فصل الفقهاء فيها ولا سيما المالكية، وقالوا: إنها " إسقاط مالك من دين على غريمك في نظير ماله عليك بشروطه " (٥) . أي بشروط الإسقاط.

والمقاصة قد تكون جائزة، وقد تكون واجبة، والغالب عليها الجواز، ووجوبها في ثلاث أحوال وهي: "إذا حل الدينان، أو اتفقا أجلاً، أو طلبها من حل دينه فإن المذهب وجوب الحكم بها " (٦) .

وقد فصل علماء المالكية تفصيلاً للحالات التي يمكن أن تقع فيها المقاصة فبلغت ثماني وأربعين حالة، لخصها الدردير فقال: " واعلم أن الدينين إما من بيع، أو من قرض، أو مختلفين، وفي كل إما أن يكونا عينًا، أو طعامًا، أو عرضًا " قال الدسوقي: " فهذه تسعة أحوال، وفي كل إما أن يكون الدينان حالين، أو أحدهما حالاً، والآخر مؤجلاً، أو يكونا مؤجلين متفقين في الأجل، أو مختلفين فيه، فالجملة ست وثلاثون حالة " وعلق الشيخ محمد عليش على ذلك، فقال: " بل ثمانية وأربعون حالة، أسقط المحشي منها اثنتي عشرة صورة اختلافهما قدرًا وصفة، وحكمها حكم صور اختلاف القدر فقط " (٧) .


(١) مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد، المادة (١٦٢٨) .
(٢) تبيين الحقائق: ٥ / ٤٢؛ والتاج والإكليل للمواق: ٥ / ٨١؛ والمغني: ٤ / ٥٣٤؛ ويراجع لمزيد من التفصيل د. نزيه حماد: أصول المداينات طبعة دار الفاروق، ص ٢٦٠.
(٣) روضة الطالبين: ٤ / ١٩٥ حيث قال: " وإن كان دينًا صح على الأصح، ولكن يشترط التعيين في المجلس، ولا يشترط القبض بعد التعيين على الأصح ".
(٤) الروضة: ٤ / ١٩٥.
(٥) الشرح الكبير: ٣ / ٢٢٧.
(٦) الشرح الكبير: ٣ / ٢٢٧..
(٧) انظر الشرح الكبير للدردير، مع حاشية الدسوقي، وتقريرات الشيخ محمد عليش على الشرح؛ والحاشية: ٣ / ٢٢٧ فتجد فيها هذه الصور، من ص ٢٢٧ إلى ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>