للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصرف في دين السلم:

السلم كما هو معروف بيع شيء موصوف في الذمة إلى أجل معلوم بثمن معجل، أو أنه عقد على موصوف في الذمة، ويجوز أن يكون الثمن نقودًا أو غيرها، والمسلم فيه أي شيء يمكن ضبطه عن طريق الوصف، ويشترط فيه تعجيل الثمن في مجلس العقد عند الجمهور، وعدم تأخيره أكثر من ثلاثة أيام عند المالكية (١) ، وأن يكون الأجل معلومًا إما تحديدًا، أو حسب العرف كالحصاد والجذاذ، والمقدار محددًا وزنًا أو كيلاً، أو عددًا، أو ذرعًا، وأن يكون المسلم فيه مما ينضبط بالصفات التي يختلف الثمن باختلافها، وأن يكون مقدور التسليم عليه عند الحلول.

والسلم يمكن أن يكون في جميع السلع والمعادن، والحيوان والبضائع، وحتى في المنافع عند جماعة من الفقهاء، كما أنه يمكن تجزئة تسليم المسلم فيه على أوقات متفرقة معلومة، وأيضًا يمكن أن يكون سلمًا حالاً، أو مؤجلاً، وكذلك يمكن أن يكون رأس مال السلم نقدًا، أو سلعة، أو طعامًا، أو حيوانًا، أو نحو ذلك (٢) .

والمقصود أن دائرة عقد السلم واسعة تسع كثيرًا من الأمور، ولذلك يمكن الإفادة منه في سوق المال الإسلامية إفادة كبيرة، باعتباره عقدًا فيه مرونة كبيرة، ويحقق كثيرًا من مصالح المجتمع، ومنافع للعاقدين، ولاسيما لمن لم يكن لديه السيولة، أو لديه الأعيان في المستقبل، أو هو قادر على توفيرها في الوقت المحدد، كما أن تداول عقود السلم يؤدي إلى نوع من الضمان، والتشجيع على الإنتاج المستقبلي في الزراعة والصناعة ونحوهما.

ففيه فائدة للمسلم (البائع) ، حيث يستفيد من السيولة المتحققة لديه للإنتاج الزراعي، أو الصناعي، أو التجارة، كما أن المسلم إليه (المشتري) يستفيد من تصريف نقوده وتدويرها واستثمار فائق أمواله من خلال رخص الثمن، وتحقيق الأرباح.

وإدارة سوق المال يمكن الإفادة منها من خلال تداول عقود السلم، وصكوكه، والسمسرة فيها، ونحو ذلك.

التصرفات في المسلم فيه:

تصرفات المسلم إليه في المسلم فيه إما أن تكون بعد القبض، أو قبله، ولذلك تنقسم إلى نوعين:

النوع الأول – التصرف في المسلم فيه بعد القبض:

فللمسلم إليه (المشتري) بعد قبض المسلم فيه (حسب العرف) (٣) جميع التصرفات المشروعة من بيع عاجل، وآجل، ومرابحة، ومشاركة، وتولية، وتأجير، ورهن ونحو ذلك بدون خلاف، لأنه دخل في ملكه التام.


(١) يراجع لتفصيله: فتح القدير – ط. مصطفى، بالقاهرة: ٧ / ٦٩؛ وحاشية ابن عابدين: ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت: ٤ / ٢٠٣؛ والمدونة، ط. السعادة، مصر ١٣٢٣هـ: ٤ / ٢؛ والمقدمات والممهدات: ط. دار الغرب الإسلامي: ٢ / ١٩؛ والأم: ط. دار المعرفة – بيروت: ٣ / ٨٩؛ والغاية القصوى: ط. دار الاعتصام: ١ / ٤٩٣؛ والروضة: ط. المكتب الإسلامي: ٤ / ٣؛ والمحلى لابن حزم: ١٠ / ٤٥؛ والمغني: ٤ / ٣- ٤.
(٢) المصادر السابقة؛ ويراجع: الغاية القصوى: ١ / ٤٩٤؛ والمغني: ٤ / ٣٠٤.
(٣) يراجع قرار مجمع الفقه الإسلامي الموقر في تحديد القبض في دورته السادسة، وبحثنا عن القبض وصوره المعاصرة المقدم إلى تلك الدورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>