للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالاعتياض عن الطعام يجوز عند مالك ممن عليه السلم، ولكنه لا يجوز بيعه قبل القبض (١) .

أما غير الطعام فيجوز بيعه لغير المسلم مطلقًا أما ممن له فلا يجوز قبل حلول الأجل بأكثر، جاء في المدونة في كتاب السلم: "قلت أرأيت إن أسلمت في طعام معلوم. . . أيجوز لي أن أبيع ذلك الطعام. . . قبل أن أقبضه؟ قال: لا يجوز ذلك في قول مالك. قلت: وما سوى الطعام والشراب مما سلفت فيه كيلاً أو وزنًا فلا بأس أن أبيعه قبل أن أقبضه من الذي باعني، أو من غيره؟ قال: قال مالك: " لا بأس أن تبيع ما سلفت فيه إذا كان من غير ما يؤكل ويشرب من غير الذي عليه ذلك السلف بأقل أو بأكثر، أو بمثل ذلك إذا انتقدت، وأما الذي عليه ذلك السلف فلا تبعه منه قبل الأجل بأكثر، ولا تبعه منه إلا بمثل الثمن، أو بأقل، ويقبض ذلك " (٢) .

وجاء في الشرح الكبير: " وجاز بلا جبر قبل زمانه أي أجل المسلم فيه قبول صفته – أي موصوفها فقط لا أوفى ولا أجود، ولا أقل ولا أكثر. . . قبل محله إلا الموضع الذي اشترط فيه القبض أو موضع العقد عند عدم الشرط فيجوز في العرض مطلقًا حل الأجل أم لا، وفي الطعام إن حل ".

وعلق الدسوقي على ذلك بأن في العرض والطعام قولين " أحدهما لابن القاسم، وأصبح الجواز قبل محله بشرك الحلول فيهما. والثاني لسحنون واختاره ابن زرقون: الجواز قبل محله وإن لم يحل فيهما " (٣) .

وجاء فيه أيضًا: " وجاز قضاؤه ولو قبل الأجل بغير جنسه، أي المسلم فيه بشروط أربعة" وهي: إن جاز بيعه قبل قبضه كسلم ثوب في حيوان فأخذ عنه دراهم، إذ يجوز بيع الحيوان قبل قبضه، وثانيها: قوله: وجاز بيعه أي المأخوذ عن المسلم فيه بالمسلم فيه مناجزة كدراهم في ثوب أخذ عنه طشت نحاس، إذ يجوز بيع الطشت بالثوب يدًا بيد. . . والثالث قوله: وأن يسلم فيه – أي في المأخوذ- رأس المال، كالمثال المتقدم، إذ يجوز سلم الدراهم في طشت نحاس، والرابع أن يعجل المأخوذ ليسلم من نسخ الدين في دين " (٤) .

وجاء في بداية المجتهد: "اختلف العلماء في بيع المسلم فيه إذا حان الأجل من المسلم إليه فمن العلماء من لم يجز ذلك أصلاً، وهم القائلون بأن كل شيء لا يجوز بيعه قبل قبضه. . . وأما مالك فإنه منع شراء المسلم فيه قبل قبضه في موضعين:

أحدهما: إذا كان المسلم فيه طعامًا. . .

والثاني: إذا لم يكن المسلم فيه طعامًا فأخذ عوضه المسلم ما لا يجوز أن يسلم فيه رأس ماله. . . ".

ثم قال: " وأما بيع السلم من غير المسلم إليه فيجوز بكل شيء يجوز التبايع به ما لم يكن طعامًا، لأنه لا يدخله بيع الطعام قبل قبضه (٥) .

الخلاصة: أن مالكًا أجاز الاعتياض عن المسلم فيه ممن هو عليه السلم إلا الطعام حيث لا يجوز فيه بيعه قبل قبضه، وهذا رواية عن أحمد، وفي رواية أخرى أجاز بيع المكيل والموزون بغير المكيل والموزون، وكذلك الاعتياض عن المكيل والموزون أو بالعكس، إذا كان يقدره (٦) .


(١) المدونة: ٤ / ٥٩، ٨٧.
(٢) المدونة: ٤ / ٨٧.
(٣) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: ٣ / ٢١٩.
(٤) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: ٣ / ٢١٩.
(٥) بداية المجتهد: ط. مصطفى الحلبي: ٢ / ٢٠٦.
(٦) مجموع الفتاوى: ٢٩ / ٥١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>