للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على تسامح أكثر في بيع اعتياض دين السلم من المسلم إليه أن ابن عباس الذي لم يجوز بيع المبيع قبل قبضه مطلقًا (١) أجاز بيع دين السلم ممن هو عليه إذا لم يربح، حتى أنه لم يفرق بين الطعام وغيره، ولا بين المكيل والموزون وغيرهما، قال ابن تيمية: " لأن البيع هنا من البائع الذي هو عليه، وهو الذي يقبضه من نفسه لنفسه، بل ليس هنا قبض، لكن يسقط عنه ما في ذمته فلا فائدة في أخذه منه، ثم إعادته إليه، وهذا من فقه ابن عباس" (٢) .

٢- بل إن شيخ الإسلام ذكر في توضيح الرأي القائل بجواز الاعتياض عنه سواء تعذر المسلم فيه أم لا (٣) : أن قول ابن عباس في جواز ذلك لا يعرف له في الصحابة مخالف، وذلك لأن السلم دين ثابت فجاز الاعتياض عنه كبدل القرض، وكالثمن في المبيع، ولأنه أحد العوضين في البيع فجاز الاعتياض عنه كالعوض الآخر ما دام بسعر يوم الاعتياض (٤) .

قال ابن القيم: " قال ابن المنذر: ثبت عن ابن عباس أنه قال: " إذا أسلفت في شيء إلى أجل، فإن أخذت ما أسلفت فيه، وإلا فخذ عوضًا أنقص منه لا تربح مرتين" رواه شعبة، فهذا صحابي، وهو حجة ما لم يخالف ".

ثم قال: " والذين منعوا جواز بيعه لمن هو في ذمته قاسوه على السلم، وقالوا: لأنه دين فلا يجوز بيعه كدين السلم، وهذا ضعيف من وجهين:

أحدهما: أنه قد ثبت في حديث ابن عمر جوازه، (حيث يدل على جواز بيع للثمن ممن هو في ذمته قبل قبضه، فما الفرق بينه وبين الاعتياض عن دين أسلم بغيره) ؟


(١) صحيح البخاري: مع الفتح: ٤ / ٣٤٩.
(٢) مجموع الفتاوى: ٢٩ / ٥١٤.
(٣) جاء هذا في جواب سؤال هذا نصه: " وسئل عن الرجل يسلم في شيء فهل له أن يأخذ من المسلم إليه غيره، كمن أسلم في حنطة، فهل له أن يأخذ بدلها شعيرًا سواء تعذر المسلم فيه أم لا"؟ مجموع الفتاوى: ٢٩ / ٥١٨.
(٤) مجموع الفتاوى: ٢٩ / ٥١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>