للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن فالحديث مرسل صحيح الإسناد، أو أنه لا تقل درجته عن الحسن الذي ينهض حجة، وكذلك فهو نص في الدعوى حيث يدل بنصه على جواز الشرك، والإقالة، والتولية في الطعام قبل القبض والاستيفاء، ويقاس عليه بطريق أولى غير الطعام.

وذهب جماعة آخرون منهم الحنفية (١) ، والشافعية (٢) ، والحنابلة (٣) إلى عدم جواز الشركة، والتولية في المسلم فيه قبل قبضه. واستدلوا بأن هذه التصرفات معاوضة في المسلم فيه قبل القبض فلم يجز، كما لو كانت بلفظ البيع، ولأنهما نوعا بيع، فلم يجوزا في المسلم قبل قبضه كالنوع الآخر (٤) .

ويمكن أن يرد على هذا الاستدلال بأنه لا نسلم أن التولية والشركة بيع، ولو سلم فالبيع نفسه محل خلاف، فلا يكون الدليل ملزمًا، لأنه أيضًا محل خلاف.

ويكاد الخلاف السابق ينسحب على الصلح في المسلم فيه قبل قبضه (٥) .

والذي يظهر رجحانه رأي مالك لقوة دليله، ومنطقه، وموافقة رأيه للأصل القاضي بأن الأصل في العقود والشروط الإباحة إلا ما دل على حرمته، فليس هناك نص من الكتاب ولا من السنة يمنع التصرف في المسلم فيه قبل القبض عن طريق الشرك، أو التولية، أو الحطيطة، أو الصلح لكنه بشرط واحد، وهو أن ينقد الثمن حتى لا يكون بيع دين نسيء بدين نسيء.

وأما الحوالة بالمسلم فيه (دين السلم) ، أو عليه فمحل خلاف كبير.


(١) حاشية ابن عابدين على الدر المختار: ٤ / ٢٠٩ – ٢١٠.
(٢) يراجع: تحفة المحتاج مع حواشي الشيرواني؛ وابن قاسم العبادي، ط. دار صادر بيروت: ٣ / ٣٠ – ٣١؛ والغاية القصوى: ١ / ٤٩٧.
(٣) المغني لابن قدامة: ٤ / ٢٣٤ – ٢٣٥؛ والمبدع شرح المقنع، ط. المكتب الإسلامي: ٤ / ١٩٧ – ١٩٨.
(٤) المغني لابن قدامة: ٤ / ٢٣٥.
(٥) يراجع المدونة: ٤ / ٣١؛ وروضة الطالبين: ٤ / ٤؛ والتحفة مع حواشيها لابن قاسم والشيرواني: ٤ / ٣١؛ والمغني لابن قدامة: ٤ / ٥٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>