للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة السادسة – بيع الدين الحال لغير المدين بثمن مؤجل:

١٩ – ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة إلى عدم جواز بيع الدين الحال لغير المدين بثمن مؤجل، لأنه بيع ما ليس في يد البائع، ولا له من السلطة شرعًا ما يمكنه من قبضه، فكان بيعًا لشيء لا يقدر على تسليمه، إذ ربما منعه المدين أو جحده، وذلك غرر، فلا يجوز (١) .

الصورة السابعة – بيع الدين الحال لغير المدين بثمن حال:

٢٠- اختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال:

أحدها: لجمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة والشافعية في الأظهر؛ وهو عدم جواز بيع الدين الحال من غير المدين بثمن حال، وذلك لانطوائه على غرر عدم القدرة على التسليم (٢) .

قال السرخسي: "وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم من قرض أو غيره، فباع دينه من رجل آخر بمائة دينار وقبض الدنانير، لم يجز، وعليه أن يرد الدنانير، لأن البيع لا يرد إلا على مال متقوم، وما في ذمة زيد لا يكون مالاً متقومًا في حق عمرو، فلا يجوز بيعه منه، ولأن البائع لا يقدر على تسليمه حتى يستوفى، ولا يُدرى متى يستوفى" (٣) .

وجاء في شرح منتهى الإرادات: " ولا يصح بيع دين مطلقًا لغيره، أي من غير من هو عليه، لأنه غير قادر على تسليمه، أشبه الآبق" (٤) .

وقال السيوطي: " أما لغير من هو عليه بالعين، كأن يشتري عبد زيد بمائة له على عمرو، ففيه قولان أظهرهما في الشرحين والمحرر والمنهاج: البطلان، لأنه لا يقدر على تسليمه " (٥) .

والثاني: وجه عند الشافعية وقول للإمام أحمد صححه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم: وهو الجواز مطلقًا (٦) .

قال ابن القيم: "والدين في الذمة يقوم مقام العين، ولهذا تصح المعاوضة عليه من الغريم وغيره" (٧) .

وجاء في الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية: " ويجوز بيع الدين في الذمة من الغريم وغيره، ولا فرق بين دين السلم وغيره، وهو رواية عن أحمد " (٨) .

والثالث: للمالكية؛ وهو التفريق بين دين السلم وغيره، قالوا:

أ – فإن كان دين سلم، فيجوز بيعه من غير المدين بعوض حال من غير جنسه – إذا لم يكن طعامًا – بمثل ثمنه وبأقل وأكثر، كي لا يدخله بيع الطعام قبل قبضه، أو يؤول إلى بيع الكالئ بالكالئ.

قال ابن رشد الحفيد: " وأما بيع دين السلم من غير المسلم إليه فيجوز بكل شيء يجوز به التبايع ما لم يكن طعامًا، لأنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه " (٩) .

وجاء في القوانين الفقهية: " ويجوز بيع العرض المسلم فيه من غير بائعه بالمثل وأقل وأكثر يدًا بيد، ولا يجوز بالتأخير للغرر " (١٠) .


(١) رد المحتار: ٤ / ١٦٦؛ تبيين الحقائق: ٤ / ٨٣؛ البدائع: ٧ / ٣١٠٤؛ الأشباه والنظائر لابن نجيم، ص ٣٥٧، ٣٥٨؛ أسنى المطالب: ٢ / ٨٥؛ نهاية المحتاج: ٤ / ٨٩؛ فتح العزيز: ٨/٤٣٩؛ المجموع: ٩ / ٢٧٥؛ الأشباه والنظائر للسيوطي، ص ٣٣١؛ المبدع: ٤ / ١٩٩؛ شرح منتهى الإرادات: ٢ / ٢٢٢؛ كشاف القناع: ٣ / ٢٩٤؛ القوانين الفقهية، ص ٢٧٥؛ منح الجليل: ٢ / ٥٦٤؛ الزرقاني على خليل: ٥ / ٨٣؛ الخرشي: ٥ / ٧٧؛ البهجة شرح التحفة: ٢ / ٤٧؛ التاودي على التحفة: ٢ / ٤٨؛ الموطأ: ٢ / ٦٧٥.
(٢) رد المحتار: ٤ / ١٦٦؛ البدائع: ٧ / ٣١٠٤؛ تبيين الحقائق: ٤ / ٨٣؛ أسنى المطالب: ٢/٨٥؛ نهاية المحتاج: ٤ / ٨٩؛ المجموع: ٩ / ٢٧٥؛ كشاف القناع: ٣ / ٢٩٤؛ المبدع: ٤/١٩٩.
(٣) المبسوط: ١٤ / ٢٢.
(٤) شرح منتهى الإرادات: ٢ / ٢٢٢.
(٥) الأشباه والنظائر، ص ٣٣١.
(٦) مجموع فتاوى ابن تيمية: ٢٩ / ٥٠٣، ٥٠٦؛ المبدع: ٤ / ١٩٩؛ تهذيب سنن أبي داود لابن القيم: ٥ / ١١٤؛ المنثور في القواعد للزركشي: ٢ / ١٦٠، ١٦١.
(٧) إعلام الموقعين: ٤ / ٣.
(٨) الاختيارات الفقهية للبعلي، ص ١٣١.
(٩) بداية المجتهد: ٢ / ٢٣١.
(١٠) القوانين الفقهية لابن جزي، ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>