٢٣ – وبالنظر في هذه الأقوال الثلاثة وما استند كل واحد منها إليه يبدو لي رجحان:
أ – جواز بيع العرض المسلم فيه المؤجل من غير المدين ببدل حال من غير جنسه، سواء أكان عرضًا أو نقدًا، إذا انتفى غرر عدم القدرة على التسليم والربا، وذلك لعدم وجود مانع شرعي من ذلك، حيث إن حديث ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) ضعيف لا تقوم به حجة كما ذكر علماء الحديث. . . وحتى لو ثبت فمعناه: فلا يصرفه إلى سلم جديد ببدل مؤجل أو لا يبعه بثمن مؤخر. . . ولعدم انطباق بيع الكالئ بالكالئ على هذه الصورة، إذ المراد به (النسيئة بالنسيئة) أو (الدين المؤخر الذي لم يقبض بالدين المؤخر) . وههنا بيع دين مؤخر بثمن معجل، فافترقا.
ب – جواز بيع الديون الأخرى من غير المدين بثمن حال، إذا انتقى غرر عدم القدرة على التسليم والربا وذرائعه. وعلى ذلك: فيجوز بيع دين النقود المؤجل منه بعرض معجل، وعكسه وهو بيع العرض الموصوف في الذمة المؤجل بنقد معجل، لعدم وجود ما يمنع من ذلك شرعًا. . . ولا يجوز بيع دين النقود المؤجل منه بنقد معجل من غير جنسه – لإفضائه إلى ربا النّساء – ولا من جنسه إذا كان أقل منه، لإفضائه إلى ربا الفضل والنساء. أما بيعه منه بأكثر منه أو بمساو له من جنسه معجل، فلا حجر فيه شرعًا، ولكنه ليس من شأن العقلاء دفع نقد عاجل ليأخذ مساويًّا له أو أقل من جنسه مؤجلاً في البيع.