٢٤ – ل سندات القرض أكثر من صورة، والذي يعنينا في هذا المقام منها: الصكوك المالية التي تصدرها الحكومة أو شركة أو شخص اعتباري عام، ويتعهد المصدر بأن يدفع لحاملها مبلغًا معينًا من المال في وقت محدد في المستقبل يعرف بـ (تاريخ الاستحقاق) . وهذه السندات لا يحتسب عليها فائدة عادة، ولكنها تباع مقدمًا بحسم يجري عند بيعها من قيمتها الاسمية، يكون بمثابة الفائدة، ويحسب على أساس سعر الفائدة السائد في الأسواق المالية. ويجري تداول هذه السندات عن طريق البيع في سوق الأوراق المالية (البورصة) على نفس المبدأ.
ومن هذا القبيل سندات الخزينة التي تصدرها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرهما من الدول الغربية باسم (Treasury Bill) أو (Treasury Bond) ، وكذا السندات التي تصدرها حكومات الولايات والأقاليم والبلديات على هذا الأساس.
٢٥ – وهذه السندات لا يجوز شرعًا إصدارها ولا شراؤها ولا تداولها بالبيع. أما شراؤها عند الإصدار، فلأنه إقراض بفائدة ربوية حسم مقدارها عن المشتري (المقرض) وقت الشراء من مبلغ القرض، والتزم المصدر (المقترض) بدفعها وقت الاستحقاق، إذ لا فرق في الآلية والحكم الشرعي بين سعر الفائدة وسعر الحسم في القروض الربوية وسنداتها.
وأما تداولها بالبيع بعد صدورها من الحسم، فهو من باب بيع الدين لغير من هو عليه، وهو غير جائز شرعًا في قول أحد من الفقهاء إذا انطوى على الربا، حتى عند من يرى صحة بيع الدين لغير من هو عليه. ولا خفاء في تحقق الربا في بيع هذا النوع من السندات، إذ البدلان من النقود – ومن المعلوم المقرر في باب الصرف عدم جواز بيع النقود بجنسها مع التفاضل أو النساء، وحتى عند اختلاف الجنس يجب التقابض – وقد انتفى في هذا البيع شرط التساوي والتقابض، فتحقق فيه ربا الفضل والنساء في قول سائر الفقهاء. (ر. ف ٢٢ من البحث) .
ولا فرق في ذلك بين أن تكون الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة، ولا أثر لتسميتها شهادات أو سندات أو صكوكًا استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية التي ينطوي شراؤها وتداولها عليها حسمًا أو فائدة أو عمولة أو عائدًا أو ربحًا أو غير ذلك.
وقد أكد هذا الحكم ووثقه قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي (المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي) رقم (٦٢ / ١١ / ٦) في دورته السادسة المنعقدة في جدة من ١٧ – ٢٣ شعبان ١٤١٠ هـ / الموافق ١٤ – ٢٠ آذار ١٩٩٠ م، وقد جاء فيه:
" تحرم أيضًا السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضًا يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصمًا لهذه السندات".