للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية

حسم الكمبيالات

٢٦- الكمبيالة: هي سند دين يتعهد مصدره بأن يدفع في وقت معين في المستقبل إلى شخص محدد اسمه في السند أو لأمره أو لحامل السند مبلغًا محددًا من النقود نتيجة بيع مؤجل الثمن أو قرض أو غير ذلك. ولا يحل أجل وفاء هذه الورقة التجارية إلا في التاريخ المدون عليها.

وحسم الكمبيالات: عملية مصرفية تتلخص في قيام حامل الورقة التجارية (الكمبيالة) بنقل ملكيتها وملكية الحق الثابت فيها عن طريق التظهير إلى المصرف أو غيره قبل ميعاد الاستحقاق، مقابل حصول المظهر على قيمتها مخصومًا منها مبلغ معين، وهو مجموع عمولة المصرف لقاء الاحتفاظ بالكمبيالة وتحصيلها، مع فائدة المبلغ المدفوع إلى المظهر عن المدة الباقية من تاريخ دفعه إلى تاريخ استحقاق الكمبيالة. وللمصرف أن يكرر الخصم لدى مصرف آخر أو لدى البنك المركزي.

٢٧- حسم الكمبيالات صورة من صور الإقراض بفائدة التي تقوم بها البنوك التقليدية، وهو عملية محظورة شرعًا، لابتنائها على قاعدة القرض الربوي، ولانطوائها بلا ريب على الربا، وهو محرم شرعًا، وذلك لأمرين:

أحدهما: أننا لو أخذنا عملية خصم الكمبيالات على ظاهرها بحسب الشكل الذي أفرغت فيه لوجدناها من قبيل بيع الدين لغير من عليه الدين، حيث يبيع صاحب الكمبيالة (الدائن) دينه المؤجل المسطور فيها لغير المدين بثمن معجل أقل منه من جنسه، وبيع الدين لغير من عليه الدين محظور مطلقًا عند أكثر الفقهاء، وجائز عند بعضهم إذا انتفى فيه الغرر والربا، غير أن الربا ليس بمنتف ههنا، بل هو متحقق، لأن العوضين من النقود، وقد باع الدائن نقدًا آجلاً لغير المدين بنقد عاجل أقل منه من جنسه، فانطوى بيعه هذا على ربا الفضل والنساء، ومن هنا كان محظورًا باتفاق الفقهاء (١) . (رف ٢٢، ٢٣ من البحث) .

والثاني: أننا لو نظرنا إلى عملية خصم الكمبيالات بحسب المقصود والغاية منها، لوجدناها أحد أمرين:

أ – إما إقراض مبلغ وأخذ المقرض حوالة من المقترض بمبلغ أكثر منه يستوفى بعد مدة معينة، وهو ربا صريح لا مجال للتأويل فيه، لأن الحوالة يشترط لصحتها التساوي بين الدين المحال به والمحال عليه، وهنا تحقق بين الدين المحال به (وهو مبلغ القرض) والدين المحال عليه (وهو المبلغ الذي تثبته الكمبيالة) زيادة في مقابل الأجل، وذلك من ربا النسيئة (٢) .

ب- وإما قرض مضمون بالورقة التجارية المظهرة لأمر المصرف تظهيرًا تامًا، إذ المصرف لم يقصد أن يكون مشتريًّا للحق الثابت في الذمة، ولا أن يكون محالاً، وإنما قصد الإقراض، فقبل انتقال ملكية الورقة المخصومة إليه على سبيل الضمان، فإذا حل وقت استحقاقها، ولم يدفع أي من الملتزمين قيمتها، فإن المصرف يعود على الخاصم بالقيمة، دون أن يرغب أو يكلف نفسه مؤونة ملاحقة الملتزمين حتى نهاية المطاف، كما هو الحاصل عمليًّا (٣) .


(١) انظر المصارف، معاملاتها وودائعها وفوائدها للأستاذ المحقق مصطفى الزرقا، ص ١٠.
(٢) المصارف، معاملاتها وودائعها وفوائدها للأستاذ المحقق مصطفى الزرقا، ص ١٠؛ الحوالة للدكتور إبراهيم عبد الحميد، ص ٢٤٢، ٢٤٣.
(٣) انظر تطوير الأعمال المصرفية للدكتور سامي حمود، ص ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>