للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين المستقر هو ما ثبت في ذمة المدين ولا خيار له في الرجوع عن تصرفه إلا بعقد جديد، ويمثل له بغرامة المتلف وبدل القرض وقيمة المغصوب وعوض الخلع وثمن المبيع والأجرة بعد استيفاء المنفعة والمهر بعد الدخول.

ويكون التمليك في هذه الصورة بالهبة والإبراء ونحوهما.

هذه الصورة لا خلاف بين الفقهاء في جوازها شرعا لأنها إسقاط حق، وإسقاط الحق أمر مشروع في الشريعة الإسلامية.

الصورة الثانية: تمليك الدائن دينه المستقر للمدين بعوض.

ويكون التمليك في هذه الصورة بالصرف والبيع (الاستبدال) ، وتحت البيع مسائل.

أ – إن كان تمليك الدين للمدين صرفا بأن كان العوضان نقدين وكان العوض عن الدين نقدا غير النقد الذي في ذمة المدين، فإنه يشترط لصحته شرعا قبض العوض في مجلس العقد، وأن يكون الصرف بسعر يومه، لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ مكاناها الدنانير. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له فقال: ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)) . (١)

ب – إن كان تمليك الدين للمدين استبدالا بين غير الربويات اشترط لصحة هذا التمليك القبض العوض في مجلس العقد (٢) عملا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ((الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء)) . (٣)

ج – وإن كان تمليك الدين للمدين استبدالا بين غير الربويات وكان البدل حالا، فيجوز عند جمهور الفقهاء (٤) ، مثل أن يستبدل ألف دينار في ذمة المدين بسيارة يملكها المدين.


(١) قال البغوي: لا يعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من حديث سماك ين حرب عن سعيد، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم والدارقطني وقال الترمذي والبيهقي: لم يرفعه غير سماك بن حرب. انظر حاشية شرح السنة للبغوي ٨ / ١١١.
(٢) نص على ذلك الشافعية والحنابلة، انظر حماد، ص ١٤١.
(٣) رواه مسلم، كتاب المساقاة، رقم ٢٩٦٨.
(٤) خالف في ذلك الظاهرية، وهو قول ابن عباس وابن مسعود ورواية عن الإمام أحمد، انظر الترك، ص ٢٨٨ – ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>