للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- إن كان تمليك الدين للمدين استبدالا بين غير الربويات وكان البدل مؤجلاً، فلا يجوز ذلك عند جمهور الفقهاء، ومنهم الأئمة الأربعة وابن حزم لما فيه من بيع الكالئ بالكالئ المنهي عنه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) ، وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى جواز ذلك (٢) .

وتطبيقًا لشرط حلول البدل:

نص الشافعية والحنابلة على عدم جوز صرف ما في الذمة، كم لو كان الرجل في ذمة رجل آخر دينار والآخر علية عشرة دراهم فاصطرفا ما في ذمتيهما. وخالف في ذلك الحنفية والمالكية والسبكي من الشافعية وابن تيمية حيث قالوا بجواز صرف ما في الذمة، لأن الذمة الحضرة كالعين الحاضرة، غير أن المالكية اشترطوا أن يكون الدينان حالين (٣) .

- ذهب كثير من الفقهاء ومنهم الحنفية والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز جعل الدين في ذمة شخص رأس مال سلم، لأنه يؤدي إلى بيع الدين بالدين، ولأن قبض رأس مال السلم شرط لصحة السلم. وخالفهم في ذلك ابن تيمية وابن القيم بعدم صحة الإجماع في منع ذلك ولا محذور فيه وليس هو من بيع كالئ بكالئ لفظًا ولا معنى (٤) . نص الحنفية والحنابلة والشافعية في وجه على أنه لا يجوز بيع الدين ممن هو عليه بشيء موصوف في الذمة إذا لم يقبض الدائن العوض في المجلس قبل التفرق (٥) .

الصورة الثالثة: تمليك الدائن دينه غير المستقر للمدين تغير عوض. يمثل للدين عير المستقر بالمسلم فيه والأجرة قبل استيفاء المنفعة أو مضي زمانها، والمهر قبل الدخول، والجعل قبل العمل، والأجرة قبل فراغ المدة.

وهذا النوع من الديون يجوز تمليكه لمن هو عليه بغير عوض بهبة أو إبراء؛ لأن ذلك من إسقاط الدين عن المدين، ولا دليل يمنع من هذا الإسقاط (٦) .

الصورة الرابعة: تمليك الدائن دينه غير المستقر للمدين بعوض. يفقر الفقهاء بين دين السلم غير المستقر في الذمة – لاحتمال فسخ العقد – وبين غيره من الديون؛ لذا يندرج تحت هذا الصورة مسألتان:

المسألة الأولى: تمليك الدائن دين السلم (وهو دين غير مستقر) للمدين (المسلم إليه) بعوض (٧) . اختلف الفقهاء في صحة تمليك المسلم (الدائن) دين المسلم للمدين (المسلم إليه) بعوض إلى ثلاثة آراء:

الرأي الأول: أنه لا يصح بيع المسلم فيه قبل قبضه للمسلم إليه، استدلالًا بحديث: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) (٨) . ولأنه كالمبيع قبل القبض. وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة والشافعية.


(١) رواه الدارقطني والبيهقي والطحاوي والحاكم والبزار وابن أبي شيبة وابن عدي وعبد الرزاق من حديث موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف. قال الشافعي: أهل الحديث يوهنون هذا الحديث. وقال أحمد: ليس في هذا حديث يصح. غير أن هذا الحديث مع ضعف سنده لعلة تفرد موسى بن عبيدة به فقد تلقته الأمة بالقبول بين عامل به على عمومه وبين متأول له، واتفقت المذاهب الأربعة على الأخذ بمضمونه والاحتجاج به؛ (انظر التلخيص الحبير: ٣/٢٦؛ السيل الجرار للشوكاني: ٣/١٤؛الدراية لابن حجر: ١٥٧/٢ ح المغني لابن قدامة: ٤/٥٣؛ نظرية العقد لابن تيمية، ص ٢٣٥؛ نيل الأوطار: ٥/٢٥٥؛ سبل السلام: ٣/١٨؛ تكملة المجموع للسبكي: ١٠/١٠٧؛ بداية المجتهد: ٢/١٦٢) .
(٢) انظر الترك، ص ٢٩٣-٢٩٤.
(٣) انظر الترك، ص ١٤٢-١٤٣.
(٤) حماد، ١٤٦- ١٤٨.
(٥) حماد، ص ١٤٨/١٤٩.
(٦) الموسوعة الفقهية: ٢١/١٢٩؛ حماد، ص ١٤٩.
(٧) الموسوعة الفقهية: ١٢٩-١٣٠؛ حماد، ص ١٤٩-١٥٤.
(٨) أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والبيهقي عن أبي سعيد الخدري. (بذل المجهود: ١٥ / ١٤٦؛ سنن ابن ماجه: ٢ / ٧٦٦؛ سنن البيهقي: ٦ / ٣٠؛ سنن الدراقطني: ٣ / ٤٥؛ الدراية في تخريج أحاديث الهداية: ٢ / ١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>