والرغبة في التوسع في النشاط التجاري هي باعث على بيوع الدين.
ذلك أن التجار لما كان جل بيعهم يكون بالنسيئة وجدوا أن رأس مالهم يضحى جامدًا لا يستطيعون التوسع في نشاطهم ما دام في أيدي الناس ديون لم تستحق بعد. فكان السبيل إلى ذلك هوالاقتراض من البنوك لكن ذلك يكون مكلفًا لا سيما مع ما يحتاج إليه من رهون وضمانات، فاتجه التجار إلي بيع الديون المستحقة له في ذمم العملاء إلي البنوك أو المؤسسات المالية أو إلي الجمهور في سوق الديون. فيتمكن التاجر عندئذ من استرداد رأسماله لشراء بضائع جديدة يبيعها إلي عملائه وهكذا. ولذلك كانت الرغبة في التوسع في النشاط التجاري أحد أهم البواعث على بيع الدين.
١-٦ بيع الدين:
١-٦-١ صفة بيع الدين في المعاملات المعاصرة:
تتم عملية تداول الديون بطرق مختلفة. فقد يبيع الدائن الأصلي (أي البنك مثلاً) الدين برمته إلي مالك جديد يقوم، بعد شرائه هذه الديون، بقبض أقساط التسديد والفوائد المترتبة على القرض وعلى التأخير. .. وتقتصر مهمة الدائن الأصلي علي خدمة العلاقة بينهما (أي المالك الجديد) للدين والمدين الأصلي) ، وتسمى هذه الطريقة (pass-Thruoghs) وهي أكثر صوره شيوعًا. ومن أشهر أنواعها حسم الكمبيالات.
وقد تبقى ملكية الدين للدائن الأصلي، وتبقى العلاقة مستمرة بينه وبين المدين، ولكنه – أي الدائن الأصلي – يقوم ببيع تيار الفوائد. المتوقع من ذلك القرض فقط. فيكون الدين مستحقًا للمصدر الأصلي ويتحمل هو المخاطرة المتضمنة فيه، ولكنه يستعجل قبض الفوائد بأخذها من طرف ثالث قبل أجل الدين (بمبالغ أقل من قيمتها الاسمية) ويسمى (pay-Throughs) ، أي أن المصدر يقبض مقدمًا يقبض مقدمًا الفوائد المتوقع دفعها فقط) .
أما الطريقة الثالثة فهي إصدار سندات مضمونة بتلك الديون، ثم بيعها في الأسواق المالية فتكون الديون الأصلية ضمانًا لتلك السندات فقط، من أهم أنواعها (MortgageeBacked) .
وفي كل الحالات تقوم عملية تداول الديون في الأسواق على التنميط، إذ يقوم الدائن الأصلي بترزيم تلك القروض في مجموعات متشابهة في مقدار المخاطرة المتضمنة فيها (أي أن تكون ملاءمة المدينين فيها متشابهة) ، وتواريخ استحقاقها، ومعدلات الفوائد عليها، ونوع الفائدة هل هي ثابتة أم متغيرة، ثم يصدرها على شكل أدوات قابلة للتداول، وبذلك يستطيع أن يحول الدين قليل السيولة إلى سيولة كاملة. وقد توسعت هذه العلميات حتى صار جل الديون قابلاً للتنضيض بهذه الطريقة بما في ذلك الديون على الدول (دول العالم الثالث) للبنوك الدولية. ولا يلزم أن يكون لها وثائق مثل الأسهم والسندات، بل كثيرًا ما تبقى على صفة قيود محاسبية في دفاتر المؤسسات المعنية وتتداول بينهم بواسطة الكمبيوتر.