للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تبنت المجامع الفقهية القرارات التي تنص على عدم جواز حسم الكمبيالات. وللأوراق التجارية في دول الغرب أسواق منظمة تتداول فيها البيع. وهو نوع من أنواع المعاملات الربوية التي لا تجوز.

ب- الفوترة (Factoring) :

تعد عملية الفوترة نوعًا من بيع الدين في المعاملات المعاصرة. وهو كثير الانتشار في الدول الغربية وبخاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. والفوترة ليست جديدة إذ تعود قوانينها في بريطانيا إلى القرن السابع عشر. وفيها تسند الشركة المنتجة التي تبيع بالأجل أمر فواتيرها إلى جهة مالية تسمى (Factor) تكون في الغالب مؤسسة متفرعة عن بنك. فتتولى الشركة المنتجة عمليات الإنتاج والتسويق والبيع، وكلما باعت أرسلت إلى مؤسسة الفوترة حساباتها لكي تصدر فاتورة البيع (وقد تصدرها بنفسها) . فتقوم هذه المؤسسة بإصدار الفواتير ومتابعة التحصيل ومسك الدفاتر الخاصة بمبيعات هذه الشركة، وتحصل مقابل ذلك على رسوم إدارية. ولكن وظيفتها لا تقتصر على ذلك، بل هي تقوم في كل مرة تصدر فيها فاتورة بدفع مبلغها (أو نسبة محددة منه متفق عليها) إلى الشركة المنتجة مباشرة، ثم تقوم بتحصيله من زبائنها الذين صدرت لهم الفواتير. وتدفع الشركة المنتجة الفوائد المصرفية على المبلغ الذي استلمته من قيمة الفاتورة للفترة التي تفصل بين استلامها لذلك المبلغ وتحصيل مؤسسة الفوترة للمبالغ من الزبائن على صفة حسم من الدين. ويعد المبلغ الذي تدفعه هذه المؤسسة للشركة المنتجة مثل ما يسمى في البنوك " الجاري المدين " (١) . ولذلك فإن الشركة المنتجة ضامنة لمبالغ الديون على عملائها فإذا فشلت مؤسسة الفوترة في التحصيل عادت على الشركة بتلك المبالغ.

وتستفيد من الفوترة شركات الإنتاج التي تتعاقد مع الباعة على توريد كميات من السلع خلال العام، ولذلك فهي تتفق معهم على دورة تسليم المبيعات ودورة دفع المستحقات. والغرض من عملية الفوترة في جانبها الائتماني هو تمويل رأس المال العامل. فالغرض هو حصول الشركة المنتجة على تمويل لرأسمالها العامل، إلا أن قيام مؤسسة الفوترة بإصدار فواتير البيع بنفسها يحقق قدرًا من الاطمئنان لها حيث يمكن من خلاله أن نتعرف مباشرة على حال الشركة من الناحية المالية ونوعية عملائها وقبضها للمبالغ المستحقة للشركة بنفسها لتسديد الديون. وظاهر في هذه الصورة بيع الدين فإن السلع عندما باعتها الشركة إلى عملائها ترتب في ذممهم لها ديون. قامت ببيعها إلى هذه الجهة المالية (Factor) بمبلغ أدنى من قيمتها الاسمية (والفرق هو الفائدة المشار إليها) .

ج – حسم الفواتير:

تشبه عملية حسم الفواتير ما أشرنا إليه أعلاه مما يسمى الفوترة إلا أنها أوسع انتشارًا منها، والاختلاف بينهما أن المؤسسة المالية لا تتدخل في هذه العملية في نشاط الشركة المنتجة، بل يقتصر الأمر على تقديم الأخيرة فواتير هي أصدرتها إلى عملائها فتقوم المؤسسة المالية بحسم جزء من مبلغها ودفع الباقي بطريقة لا تختلف عن حسم الكمبيالات. وتكون الشركة المنتجة مسؤولة عن التحصيل وهي ضامن للدين على كل حال. وتستفيد الشركة المنتجة من هذه العملية بالحصول على تمويل لرأسمالها العالم واستقرار في التدفقات النقدية. ولكنها تتضمن مخاطرة أعلى على المؤسسة المالية لأنها (أي الأخيرة) لا تشرف على كل عمل الشركة وربما لا يقدم إليها إلا جزء من الفواتير الصادرة كما لا تقوم بنفسها بالتحصيل والمتابعة. وفي كل الأحوال فإن الفواتير المذكورة لا تخص بالبيع الآجل. إلا أن أيّامًا أو أسابيع تفصل دائمًا بين إصدار الفاتورة وتحصيلها في العلاقة بين الشركات المنتجة وعملائها الموزعين والتجار.


(١) الجاري المدين: هو إجراء يعطي البنك بموجبه العميل صلاحية السحب على المكشوف من حسابه، وتفرض عليه عندئذ الفائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>