إذا وقع البيع بالأجل تكون الدين الذي يثبت في ذمة المشتري من تكلفة شراء البائع مضافًا إليها ربحه. إلا أن الدين مبلغ واحد يمثل ثمن البيع بالأجل؛ فلا ينفصل المكون الأول عن الثاني، سواء كان دينًا منجمًا على أقساط أو يسدد دفعة واحدة. وإذا فرق فيه بين الأجل والزيادة في الدفاتر المحاسبية لم يترتب على هذا الفصل حكم فيما يتعلق بذلك الدين إذ يبقى في ذمة المدين مبلغًا واحدًا. هذا في بيوع المسلمين.
أما في المعاملات التقليدية فإن القوم يتعاملون مع المكون الأول كجزء منفصل عن الثاني، سواء كان ذلك في السجلات والدفاتر، أو في المعاملات الأخرى التي تجري في الديون ومنها البيع. وتجري في أسواق النقود في الدول الغربية – ثم امتد الأمر إلى غيرها – بيوع تقتصر على الزيادة على الدين دون أصله. فمثلاً إحدى المؤسسات المالية أقرضت شركة قرضًا قدره مليون دولار لخمس سنوات بفائدة سنوية ثابتة قدرها (٥ %) ، يمكن لها عندئذ أن (تبادل) الزيادة في دينها مع الزيادة في دين مماثل (مليون دولار لمدة خمس سنوات) ، التي تكون زيادة متغيرة غير ثابتة (١) . ويبقى أصل الدين للدائن في الدينين بينما أنهما يتبادلان الزيادة فيأخذ هذا الثابتة (ودينه في الأصل ذا فائدة متغيرة) ويأخذ الثاني المتغيرة (ودينه في الأصل ذا فائدة ثابتة) .
والباعث على مثل هذه المعاملة التي تسمى (SWAP) هو الاعتبارات القانونية، إذ تمنع بعض الدول البنوك من الاحتفاظ في دفاترها بديون ذات فوائد ثابتة لمدة تزيد عن سنة مما يضطر تلك المؤسسات أحيانًا إلى عملية المقابلة المذكورة، واعتبارات اقتصادية، ذلك أن شركات التأمين يتلاءم العائد الثابت مع حساباتها الاكتوارية أكثر من العائد المتغير، ولذلك فقد اشتهرت بشرائها لهذا النوع من الديون، واعتبارات تسويقية، ذلك أن عقود التأجير للمعدات على سبيل المثال لا يمكن تسويقها إلا بعائد ثابت في كثير من الأسواق. لذلك تقوم المؤسسة المالية بإنشاء الديون بطريقة الموافقة الطلبات السوق، ثم تفصله عن زيادته فتحتفظ بجزء وتبيع الآخر، وربما وقع البيع عليها لجهتين مختلفتين.
هـ التصكيك:
اكتسبت وثائق تداول الديون أهمية في أسواق المال في السنوات الأخيرة. وتقوم هذه العملية التي تسمى التصكيك (Securitization) على توليد أوراق مالية قابلة للتداول مبنية على حافظة استثمارية ذات سيولة. متدنية تتضمن تلك الديون. لقد بدأت فكرة تداول الدون عندما قامت مؤسسة تمويل بناء المساكن في الولايات المتحدة Governent National Mortgage Association والمشهورة باسم (Ginne Mea) والتي تتولى عملية تمويل بناء المنازل، قامت سنة ١٩٨٦م، بالتمويل ليس عن طريق الإقراض المباشر، ولكن عن طريق توفير السيولة المؤسسات الإقراض الخاصة لكي تقوم عندئذ بتقديم القروض للمواطنين. ثم تقوم المؤسسة المذكورة بشراء تلك القروض منهم، ثم تمكينها من التوسع في الإقراض لحصولها على النقود. لقد ولد ذلك سوقًا ثانوية لقروض بناء المساكن سرعان ما توسعت ودخلت فيها مؤسسات أخرى غير المؤسسة المذكورة (Ginne Mea) ، مما أدى إلى تطورها بحيث لم تعد تقتصر على قروض بناء المساكن، ولكن شملت كل أنواع الديون، كتلك الناتجة عن تمويل شراء السلع الاستهلاكية والسيارات وقروض بطاقات الائتمان والقروض الخاصة بإنشاء الأصول الرأسمالية. .. إلخ، وقد أمكن بهذه الطريقة تحويل الديون طويلة الأجل وقليلة السيولة إلى أصول سائلة.
(١) الفائدة الثابتة هي التي تحدد كنسبة مئوية من الدين (٥ % مثلاً تدفع سنويًّا ولا تتغير، أما المتغيرة فلا تكون معروفة عند التعاقد بل أنها تحدد وقت الوفاء بحسب سعر الفائدة السائد في السوق عندئذ والذي يتحدد إشارة إلى مؤشر متفق عليه مثل لبيور وهو سعر الإقراض بين البنوك في لندن.