للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما ذكر سابقا نستخلص ما يلي:

أ – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقرض لبيت المال عند نقص الموارد عن النفقات إبان تجهيز الجيوش.

ب – أن الاستقراض الذي أجازه الفقهاء بشروط هو استقراض لا يتضمن الربا، فليس للحكومة على أي حال كانت أن تقترض بالفائدة.

ج – ينظر إلى الاستقراض كأمر عارض مؤقت، وليس كسياسة دائمة أو طريقة مستمرة للتمويل الحكومي، وجل حديثهم ينصب على المفاضلة بين الضريبة والقرض.

د – ينظر الفقهاء إلى بيت المال كرجل مليء، فهو يقترض إذا كان يرجى له مال ولا يتبرع له أو يتصدق عليه، لأنه ليس فقيرا. فإن أعسر ينظر إلى الميسرة محدودة ومعروفة غالبًا. ولا يظهر العجز فيه (على الأرجح) إلا عند حدوث طارئ غير متوقع، كخطر عدو غاشم أو آفة سارية، أو نقص في الأموال والثمرات.

و– إن شرط أن يرجى لبيت المال مورد في المستقبل، شرط بسيط في زماننا الحاضر حيث تعددت فيه موارد الحكومات، وتنوعت بحيث أضحى أن الغالب على الظن هو تحقق الإيراد مستقبلاً.

- لعلاج العجز الطارئ في الميزانية (التمويل الجسري) :

حتى لو نجحت السلطات المالية في الحكومة في موازنة نفقاتها مع إيراداتها، فإن ذلك لا يعني بالضرورة عدم احتياج الخزينة إلى التمويل خلال السنة المالية. ذلك أن هيكل نفقات الحكومة، يختلف دائمًا عن هيكل إيراداتها. فالتدفقات الداخلة إلى الخزينة، لا ترتب في كل الأحيان بشكل مواز للتدفقات الخارجة منها. ولذلك قد تجد الحكومة نفسها في أزمة سيولة مؤقتة، تحتاج معها إلى ما يسمى بالتمويل الجسري (Bridge Financing) .

والطريقة التي تستخدمها الحكومات في كل أنحاء العالم تقريبًا هي الاقتراض، فتقترض الحكومات من الجمهور، أو من المصارف التجارية أو من الدول الأجنبية أو من مصرفها المركزي، ولا يكاد يكون للاقتراض بديل من الناحية العملية. فطبيعة هذه الحاجة تجعل القرض هو الصيغة الوحيدة الملائمة لأن الحاجة المذكورة تظهر في وقت قصير تحتاج معه إلى معالجة سريعة.

وهذا النوع من الحاجة المالية ليس أمرًا جديدًا على الحكومات، فالثابت أن دول العالم على مر التاريخ، قد احتاجت دائمًا إلى التمويل الجسري. وقد اتخذت لمواجهة ذلك الوضع إجراءات مختلفة، أهمها الاقتراض بالفائدة. وحتى في التاريخ الإسلامي نجد أن بعض الخلفاء والولاة، قد استخدم القبالة للحاجة العاجلة لإيرادات لا تتحقق إلا لاحقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>