وتتميز مثل تلك السندات بالضمان، فحاملها دائن للحكومة، كما أن بإمكان الحكومة إلزام فئات من الناس (كالأغنياء أو بعض الشركات) بالاكتتاب بها واقتنائها لفترة محددة.
وللاقتراض بإصدار السندات منافع اجتماعية متعددة، منها دوره في نقل العبء المالي عبر الأجيال. ففي المشاريع ذات الأجل الطويل، أي تلك التي لا يجني المجتمع أكلها إلا بعد عدد من السنين (مثل بناء طرق أو مطار أو مرفأ) ، يصبح الاقتراض بإصدار السندات أكثر ملاءمة من التمويل بفرض الضريبة. ذلك أن السندات سوف تسدد في النهاية (في أكثر الدول) بفرض الضرائب، ومن ثم يمكن إرجاء ذلك فتفرض الضرائب على الجيل الذي سيتمتع بالآثار المفيدة للمشروع، وليس على الجيل الذي شهد بداية الإنشاء. وتعطي السندات القدرة على تحويل العبء المالي عبر الأجيال، فتحقق ذلك الغرض.
ب- الاقتراض من نقود الودائع التي يولدها النظام المصرفي:
يعتمد العمل المصرفي المعاصر على قبول البنوك لأنواع من الودائع النقدية واعتمادها على نظام الاحتياطي الجزئي. فهي لا تحتفظ إلا بنسبة ضئيلة من تلك الودائع بينما تقرض الجزء الأكبر. ويعتمد تحديد النسبة المشار إليها إلى القوانين في كل بلد، ولكنها تتراوح غالبًا بين (٢ %) إلى (٧ %) من مجمل الودائع مع اختلاف بين الحسابات الجارية والحسابات لأجل. ويحصل المودعون في الحسابات الجارية على دفتر للشيكات، الأمر الذي يضع في أيديهم وسائل دفع جاهزة. وبهذا تتمكن البنوك من توليد الائتمان وهو ما يسمى بنقود الودائع، والذي يبلغ عادة أضعاف النقود التي تصدرها الحكومة وتسمى النقود ذات الطاقة العالية.
ففي الولايات المتحدة تبلغ الودائع المشتقة (نقود الودائع) ٦ إلى ١٠ أضعاف الودائع الأولية (أي النقود المودعة ابتداءً) . والفرق بين العائد على النقود المولدة (أو القوة الشرائية لتلك النقود) وتكلفة توليدها (وهي في الحسابات الجارية تساوي صفرًا تقريبًا) هي عوائد إصدار (Siegniorage) يحصل عليها المصرف التجاري. والنقود ذات طبيعة خاصة، فهي مؤسسة اجتماعية وهي كفكرة مجردة، ليست أكثر من اتفاق جميع أفراد المجتمع على قبول العملة كوسيط للتبادل ومستودع للقيمة.
وهذا القبول الاجتماعي العام، هو الذي يضفي الشرعية والقبول العام على النقود، ومن ثم كان للمجتمع ككل – باعتبار أن النقود وليدة قراره الجماعي – الحق في الانتفاع بجزء من العائد المتولد منها والذي تستأثر به البنوك في النظام المعاصر، ولذلك فقد اقترح بعض الكتاب، أن يكون للحكومة الحق في الاقتراض من النقود التي يولدها النظام المصرفي قروضًا حسنة بدون فائدة. فعندما يولد النظام المصرفي سيولة قدرها (مثلاً) عشرة أضعاف النقود ذات الطاقة العالية (أي النقود التي أصدرتها الحكومة) يمكنه أن يقرض (٢٠ %) من ذلك للحكومة قروضًا دون فائدة.
والفكرة في محصلتها النهائية، شبيهة بإلزام البنك المركزي المصارف التجارية، أن تودع لديه جزءًا أكبر من الاحتياطي القانوني. فنحن نعلم أن جزءًا من الاحتياطي الإلزامي يودع لدى البنك المركزي في أكثر القوانين البنكية المعاصرة. ولذلك يمكن للأخير أن يلزم البنوك بنسبة أعلى من الاحتياطي المودع لديه، على أن يسمح للحكومة باستخدامه بدون فوائد.