للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشكل الأول فتطبيقها مبني على أن البنك الإسلامي الماليزي عندما يكون له دين على العميل، ويكون هذا الدين ناشئا عن مراجعة سابقة مع ذلك العميل، فإن البنك يحرر سند سحب (كمبيالة) بالقيمة ويتم قبولها من قبل المسحوب عليه بمبلغ يشمل أصل الدين، ويسمح البنك المركزي الماليزي لهذه الكمبيالة المسماة (الكمبيالة الإسلامية المقبولة) أن تتم المتاجرة فيها بالبيع والشراء في السوق الثانوية. والمتاجرة بالكمبيالة المذكورة في واقع الأمر هي بيع الكمبيالة وشراؤها بنقود حاضرة تقل عن القيمة الاسمية المحررة بها تبعا لزمن استحقاقها.

أما كمبيالة الصادرات فإنها عبارة عن سند السحب الذي يصدره العميل المصدر في ماليزيا على المستورد في الخارج لدفع قيمة البضائع المصدرة حيث يكون الدفع محددا بتاريخ آجل في المستقبل، فإذا صدر هذا السند وتم قبوله من المستورد، فإنه يصبح ورقة تجارية قابلة للتداول. فإذا كانت البضائع المصدرة واقعة ضمن نطاق ما هو مطلوب تشجيعه، فإن البنك الإسلامي الماليزي يبيع هذه الكمبيالة للبنك المركزي الماليزي بشروط تفضيلية (١) ، أي بسعر يتضمن هامش ربح مخصوم حسب الاصطلاح الماليزي لبيع الديون.

كما ظهرت في ماليزيا أيضا ولأول مرة منذ عام ١٩٩٠ م أدوات الدين الخاصة الإسلامية Islamic Private Debt Instruments لتكون مصدرًا بديلًا وأداة إضافية للتمويل كما يقول السيد عون إسماعيل من البنك المركزي الماليزي في محاضرته بالكويت عن التجربة الماليزية (٢) .

وقد تم تصوير إصدار هذه السندات في المحاضرة المشار إليها بشكل مبهم، ولكن مؤلف كتاب التمويل الإسلامي كان واضحا في الإفصاح عن طبيعة هذه الأدوات التي صدرت لصالح شركة (شل) الماليزية في يونيو عام ١٩٩٠ م تحت الاسم المبين أعلاه باستحقاق لخمس وثماني سنوات، وبعائد (٧,٥ %) للاستحقاق الأول (٧,٧٥ %) للاستحقاق الثاني، ثم تبع ذلك في نفس العام في شهر ديسمبر إصدار أدوات من ذات النوع لصالح شركة شل في ساراواك (ماليزيا الشرقية) باستحقاقين أيضًا؛ أولهما بمقدار (٢٤٠) مليون دولار ماليزي، والثاني بمقدار (٣٢٠) مليون دولار ماليزي (٣) .

كما قام المجلس الوطني للرهونات Cagmas Berhard بإصدار مشروع أسهم ديون الإسكان الماليزية أو سندات (كاجماس) للمضاربة وذلك – كما يقول المحاضر عون إسماعيل من البنك المركزي الماليزي – لتمويل ديون الإسكان الإسلامية والتي تبلغ (٣٠ مليون رنجيث ماليزي) عن طريق المؤسسات التي زودت عملاءها وموظفيها بالتمويل الإسلامي (٤) .

وفي ظل هذا المشروع يقوم (كاجماس) بشراء ديون الإسكان الموجودة والمتعاقد عليها في ظل مشروع العمل المصرفي الإسلامي حيث يصدر بدوره سندات (كاجماس) للمضاربة لتمويل هذا الشراء، ويتم التفاوض على شراء الديون حيث يتشارك كل من حملة السندات و (كاجماس) في الأرباح بناء على نسبة معين من المشاركة في الربح (٥) .

ورغم هذا الوصف المعقد فإن العملية إذا كانت شراء موجودات مشاريع الإسكان بهدف المشاركة في الربح عند البيع، فإن العمل لا يعتبر من بيع الديون. أما إذا كانت القضية شراء الديون التي تمثل الثمن الآجل للمساكن ليتم هذا الشرط بنقد حاضر، فإن هذا هو ما يدخل ضمن نطاق البحث عن حكم بيع الديون في الفقه الإسلامي.

* * *

هذه هي المقدمة الاستعراضية في تعريف الدين وبيان أسباب ثبوته، وما يقبل الثبوت في الذمة من أموال مع التمييز بين الديون والأعيان، وبيان موقع سندات القرض من الدين، وأخيرًا بيان أدوات الدين التجارية المعاصرة والمستحدثات الورقية الجديدة تحت المسميات الإسلامية.

* * *

وبذلك فقد تضمن هذا الفصل التمهيدي بيان مختلف أشكال الديون سواء كانت ناشئة عن التزامات بما في ذلك الاقتراض أو مرتبة على مبايعات سابقة.

فهل يجوز مثل بيع هذه الديون، وما هي ضوابط هذا البيع وشروطه في الفقه الإسلام؟

جواب ذلك سيأتي إن شاء الله في القسم الأول من هذا البحث.

ثم إن هذه السندات ذات الفوائد والتي يظن البعض أن للقطاع العام كالحكومة ومؤسساتها وللقطاع الخاص كالشركات المساهمة حاجة بإصدارها، أليس هناك عنها غنى أو بديل يحل محلها بالحلال؟

وهل أصبح الفكر الإنساني عقيمًا فلا يقدم الأدوات التي تخضع للشرع وتحقق المقصود دون مواربة أو التواء؟

والجواب على ذلك هو أن البديل موجود، ولكن ما ينقصنا هو إرادة الخلاص من الحرام، والتوجه إلى ما هو أقوم وأطهر وأسلم.


(١) انظر: أحمد تاج الدين؛ دراسة بنك ماليزيا؛ مرجع سابق، ص ١١٣.
(٢) انظر: التجربة الماليزية كما عرضت بالكويت؛ مرجع سابق، ص ٢٢٩.
(٣) انظر: philip moore , islamic finance , page ١٩٣
(٤) انظر: ملتقى التجربة الماليزية؛ مرجع سابق، ص ٢٣١ – ٢٣٢.
(٥) انظر: ملتقى التجربة الماليزية، ص٢٣١-٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>