للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الأول

أحكام بيع الديون في الفقه الإسلامي

تمهيد:

تتعلق أحكام بيع الديون في الفقه الإسلامي بتحديد مفهوم البيع، وبيان أقاسمه من حيث: المحل والشروط الخاصة بالمبيع؛ للوصول بالنتيجة إلى حكم المبيع إذا كان من الديون. وبيان ما يجوز بيعه من الديون وما لا يجوز.

الفصل الأول – تحديد مفهوم البيع وتقسيمه من حيث المحل

الفرع الأول – تحديد مفهوم البيع:

يطلق البيع على المبادلة بين شيئين، فمن يبيع يعطي شيئًا ليأخذ بدله شيئًا آخر، وهو من أسماء الأضداد، ولكن إذا أطلق لفظ البائع فالمتبادر للذهن أنه يراد بذلك باذل السلعة (١) .

أما في الاصطلاح الفقهي فقد اختارت مجلة الأحكام العدلية أن تعرف البيع بأنه: "مبادلة مال بمال ".

وقد أوضح شارح المجلة المرحوم علي حيدر بأن المراد من ذلك: " أن البيع هو تمليك مال مقابل مال على وجه مخصوص"، وأن هذا القيد يقصد به إخراج التبرع والهبة بشرط العوض (٢) .

ويعرف المالكية البيع بأنه: " دفع عوض في معوض" (٣) ، وجاء في المقدمات لابن رشد (الجد) إن البيع: " نقل الملك عن عوض " (٤) .

كما عرَّف الشافعية البيع بأنه: " مقابلة مال بمال على وجه مخصوص" (٥) ، وأورد القليوبي تعريفًا للبيع بقوله: " عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربة" (٦) .

أما الحنابلة فقد عرفوا البيع بأنه: "مبادلة مال – ولو في الذمة – أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التأبيد يغر ربا وقرض " (٧) .

فالبيع مبني إذن على المبادلة وذلك على أساس المعاوضة حيث يقدم البائع شيئًا ليأخذ بدلاً عنه ما يماثله في نظره قيمة، وذلك على سبيل التراضي وبهدف التمليك والامتلاك القاطع. فالبائع يعطي السلعة والمشتري يقدم الثمن وهما يقصدان تمليك بعضهما البعض ما يقدمه كل منهما عن رضا وعن اختيار.

وبديهي أن المبادلة تعني المغايرة حيث لا يعطي الإنسان العاقل شيئًا ليأخذ مثل ما أعطى، وذلك لأنه لا يفيد من ذلك شيئًا إلا إذا كان هناك فارق نوع وجودة بين البدلين، وهنا يتدخل الشرع في حالة مبادلة الجنس بجنسه كالتمر بالتمر مثلًا، فيمنع زيادة أحد البدلين عن الآخر أو تأجيل تسليم أحدهما حيث يشترط في مثل هذا البيع أن يكون يدًا بيد ومثلاً بمثل.


(١) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية؛ مرجع سابق؛ مادة (بيع) .
(٢) علي حيدر؛ درر الحكام شرح مجلة الأحكام؛ الكتاب الأول (بيروت: دار النهضة) ، ص ٩٢.
(٣) انظر: الحطاب؛ مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، الجزء الرابع، الطبعة الثانية (مصر: مطبعة السعادة، ١٩٧٨) ، ص ٢٢٢.
(٤) انظر: ابن رشد (الجد) المقدمات الممهدات (القاهرة: مطبعة السعادة) ، ص ١٨٦.
(٥) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، الجزء التاسع، ص ٥.
(٦) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، الجزء التاسع، ص ٥.
(٧) انظر: أحمد بن عبد الله القاري؛ مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد، الطبعة الأولى (جدة: تهامة، ١٤٠١هـ، ص ١٠٧ المادة رقم ١٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>