للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعندما يكون الدين مبلغًا من النقود فإن البيع بالأقل هنا هو إبراء. فإذا قال الدائن لمدينه: أبيعك المائة ريال التي لي عليك بثمانين ريالاً، فإنما هو في الحقيقة يبرئ ذمة المدين من عشرين ريالاً، وإذا كان الدائن يملك المسامحة في كل ما له من الديون، فإن المسامحة بجزء من الدين تجوز من باب أولى.

وكذلك لو كان لزيد على عمرو دينًا من السمسم مثلاً من غير السلم كمائة أردب مثلاً، فإنه يمكن أن يبيع السمسم إلى عمرو بسعر السوق دون الحاجة للاستلام والتسليم باعتبار أن السمسم متعلق أصلاً بذمة عمرو.

ومن قبيل ذلك المصارفة في الذمة كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حينما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعه الإبل بالدراهم واقتضائه الثمن بالدنانير، وكذلك العكس حيث قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس أن تبيعها بسعر يومها ما لم تفرقا وبينكما شيء)) (١) .

فهذه المصارفة هي بيع لجنسين مختلفين، والثمن نقد حاضر والمبيع دين في الذمة، وقد أدى المدين الثمن للدائن بسعر الصرف في ذلك اليوم.

ويفيد تقييد البيع بين الدائن والمدين بالأقل إبعاد عنصر الربا وإدخال مفهوم الإبراء والإسقاط، إذ لو سمح ببيع الدين بالأكثر لكان ذلك هو الربا.

فالدين يمكن أن يباع لمن هو عليه (أي للمدين) إذا كان بالمثل، أو بالأقل على سبيل المصالحة في كل حال.

الفرع الثاني – بيع الدين لغير من هو عليه:

اختلفت الآراء الفقهية في موضوع بيع الدين لغير من هو عليه اختلافًا واسعًا، وهو ما يتطلب تفحص المسألة بشكل دقيق.

فقد عرضت الموسوعة الفقهية الكويتية موضوع اختلاف الفقهاء في حكم تمليك الدين لغير من هو عليه، حيث أوردت في ذلك أربعة أقوال هي (٢) :

أولها – رواية عن أحمد ووجه عند الشافعية، وهو أنه يجوز تمليك الدين من غير من عليه الدين بعوض وبغير عوض.


(١) انظر: البيهقي، السنن الكبرى: ٥ / ٢٨٤، حيدر آباد الدكن، بالهند، دائرة المعارف النظامية، ١٣٤٤هـ.
(٢) انظر: الموسوعة الفقهية، مرجع سابق، ص ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>