للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني – قول الحنفية والحنابلة ورأي للشافعية في الأظهر، أنه لا يصح تمليك الدين لغير من هو عليه سواء كان بعوض أم بغير عوض (١) كأن يقول شخص لآخر: وهبتك الدين الذي لي على فلان فيقبل، ويقول له: اشتريت منك كذا بمالي من دين على فلان فيقبل أو يقول له: أستأجرت منك كذا بالدين الثابت لي في ذمة فلان فيقبل، "فهذا كله غير جائز لأن الواهب أو المشتري أو المستأجر يهب أو يبيع ما ليس فيه يده، ولا له من السلطة شرعًا ما يمكنه من قبضه منه، فكان بيعًا لشيء لا يقدر على تسليمه إذ ربما ضيعه المدين أو جحده، وذلك غرر فلا يجوز " (٢) .

الثالث – "قول للشافعية – صححه كثير من أئمتهم كالشيرازي في المهذب والنووي في زوائد الروضة، واختاره السبكي وأفتى به زكريا الأنصاري وغيره، وهو أنه يجوز بيع سائر الديون – عدا دين السلم لغير من عليه الدين، كما يجوز بيعها للمدين ولا فرق، وذلك إذا كان الدين حالاً والمدين مقرًّا مليئًا، أو عليه بينة لا كلفة في إقامتها، وذلك لانتفاء الغرر الناشيء عن عدم قدرة الدائن على تسليم الدين إليه " (٣) .

ثم أضافت الموسوعة قيدًا هامًا وإن كان يحتاج إلى توضيح وهو قولها: " وكما اشترط التقابض في المجلس في بيع الدين للمدين إذا كان مما لا يباع به نسيئة – كالربويات ببضعها -، فإنه يشترط كذلك في بيع الدين لغير من هو عليه " (٤) .

الرابع – رأي الماليكة: وهو أنه يجوز بيع الدين لغير المدين بشروط تباعد بينه وبين الغرر، وتنفي عنه سائر المحظورات الأخرى، حيث أوردت الموسوعة ثمانية شروط أهمها بالنسبة لموضوع البحث منع بيع الدين بجنسه مع اشتراط التساوي إذا كان بجنسه.

وقد أوضح الشيخ السيد سابق أن بيع الدين لغير من هو عليه لا يصح عند الأحناف والحنابلة والظاهرية؛ بسبب أن البائع لا يقدر على تسليم المبيع. فإذا شرط على المدين التسليم فإن البيع لا يصح كذلك لأن فيه شرطًا بالتسليم على غير البائع فيكون شرطًا فاسدًا يفسد به البيع (٥) .


(١) انظر: الموسوعة الفقهية: ٢١ / ١٣١.
(٢) انظر: الموسوعة الفقهية
(٣) انظر: الموسوعة الفقهية؛ المرجع السابق، ص ١٣٠.
(٤) انظر: الموسوعة الفقهية: ٢١ / ١٣٠.
(٥) انظر: السيد سابق، فقه السنة: ١٣ / ٦٣، جدة ١٩٨٤ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>