للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناءً على نظرة اليسر التي تميز بها مذهب الإمام أحمد بن حنبل في العقود والشروط بوجه عام، أمكن للفقه الحنبلي أن يصحح كثيرًا من المعاملات التي لا تصححها المذاهب الأخرى من الحنفية والشافعية على وجه الخصوص.

ويتفق الفقه المالكي المستظل بأفياء دار الهجرة النبوية مع الفقه الحنبلي – من حيث الأساس – وذلك من ناحية عدم حصر المضاربة في نطاق الاتجاه بمعناه الضيق لشراء السلع الجاهزة وبيعها كما هي دون تصنيع ولا تجميع.

وبناءً على كون القراض أو المضاربة من أعمال الاتجار والاستثمار في أي اتجاه يعطي ربحًا ناتجًا عن التصرف في المال بالبيع والشراء والتصنيع والزرع وغير ذلك، فإن الحكومة تستطيع أن تطرح سندات القراض لتجميع رأس المال اللازم لأي مشروع ينطبق عليه هذا الوصف.

صحيح أن الدولة ليست تاجرة وهي لا ينبغي أن تكون كذلك بسبب ضعف الأداء الاقتصادي للقطاع العام على أقل تقدير، إلا أن ذلك التوجه لا يمنع من بلورة مشروعات محددة وتصلح لعمل المضاربة.

فالمؤسسة الاستهلاكية العسكرية المخصصة لبيع المواد الاستهلاكية للعسكريين بربح معتدل نسبيًّا تحتاج في بعض بلاد العالم الإسلامي إلى تمويل كبير ليس بشراء المنتجات فحسب بل وتصنيعها وتجميعها كذلك، فإذا كان معدل الربح الجاري المعتدل هو (١٠ %) مثلاً وكان معدل دوران السلع المباعة ثلاث مرات في العام، فإن معنى ذلك أن حصيلة الربح المعتدل هي (٣٠ %) ، فإذا قسم الربح بين رأس المال وجهة العمل، فإن معدل الربح الاستثماري قد يتراوح بالنتيجة بين (١٠ % - ١٥ %) وذلك تبعًا لنسبة توزيع حصص الأرباح.

أما رأس المال فإنه يمكن أن يكون بشكل سندات تطرح للبيع في اكتتاب عام. عندما يكتمل الاكتتاب فإنه يتم عقد اجتماع لينتخب المكتتبون لجنة تمثلهم في دفع رأس المال، والمحاسبة على الربح وإجراء التوزيع، ومتابعة انتقال ملكية السندات من مالك لآخر، وذلك بعدما تصبح قابلة للتداول، ويطلق على هذه اللجنة عادة اسم (هيئة مالكي السندات) .

وطالما أن سندات القراض تكون ممثلة في موجودات تغلب عليها الأعيان فإن تداول هذه السندات بالبيع والشراء يكون جائزًا شرعًا، وهذا هو ما قرره مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع بجدة بتاريخ ١٨ – ٢٣ جمادى الآخرة ١٤٠٨هـ ٦ –١١ فبراير ١٩٨٨م (١) .


(١) انظر: مجمع الفقه الإسلامي، دورة المؤتمر الرابع، القرار رقم (٥) بشأن سندات المقارضة وسندات البند (ج) من العنصر الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>